كتبت – رجاء عبدالنبي
قام «قطر يليكس» بكشف أن جماعة الإخوان الإرهابية عبارة عن أداة في يد الأنظمة تستخدمها في النزاعات السياسية الداخلية والخارجية، وتمويل العمليات الإرهابية النوعية لكن مع قطر الأمر مختلف فعلاقة الدويلة الخليجية مع “الإخوان” أمرها على ما يبدو تجاوز التوظيف، فقد سخرت قطر كل إمكانياتها، وغامرت بعلاقاتها بالمنطقة من أجلهم، وبذلك قلبت المعادلة وخدمت أجندة الإخوان في المنطقة بعد أن سيطرت الجماعة المصنفة إرهابية على مفاصل الحكم في شبه جزيرة قطر.
كما ظهرت الخدمات التي قدمتها قطر في قناة الجزيرة التي أُنشأت بإمكانيات هائلة، وجعل لهم فيها اليد الطولى، وأصبحت منبرهم للعالم ووسيلة توصيل فكرهم المتطرف للناس ومعاداة الأنظمة علنا.
و من جانب آخر جعل حكام قطر من الدوحة مقرًا لـ”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، ومَن يطلع على خطابه يجده اتحادًا سياسيًا لا دينيًا.
وفي محاولة لإقناع العالم بعدم دعم قطر للإخوان عمد الأمير السابق حمد بن خليفة في سبيل ذلك إلى حلَّ “الإخوان” القطريون تنظيمهم بعد تسلم الشَّيخ حمد للسلطة، إثر الانقلاب بالدوحة (1995)، دون بقية تنظيماتهم بالمنطقة، ليوهم العالم بأنه لا علاقة لقطر بالتنظيم ولكنهم في حقيقة الأمر ما لجأوا لحل تنظيمهم إلا لتأكدهم أن النظام القطري أصبح هو نفسه التنظيم وتأكدوا أيضا أنه سوف يخدم أهدافهم مهما حدث وفي أي وقت.
في كتابه “سيف الإسلام القذافي.. مكر السياسة وسُخرية الأقدار”، أشار القاضي والكاتب الليبي محمد عبدالمطلب الهوني، إلى ما بذلته قطر مع نظام القذافي، كي يكون للإخوان دور في الحكم، عن طريق إقناع سيف الإسلام بفكرة أن لا يكون له الحكم إلا بالإخوان أنفسهم.
يقول الهوني عن المشورة القطرية: “لا يستطيع أن يحكم ليبيا مستقبلًا إلا بالتَّحالف مع الإخوان، وقام الشَّيخ حمد بإجراء كل الاتصالات والتفاهمات بين الطرفين”.
بعدها تأتي القاصمة على لسان الهوني: “ذكر لي سيف الإسلام أن الشَّيخ حمد أسرَّ له بأنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين”! وبالتالي لا حرج مِن أن يتحول سيف نفسه إلى تبني مبدأ الجماعة، وبالفعل اقتنع سيف بفكرة قطر عن الإخوان، وأُطلق سراحهم مِن السجون، و”استعمل نفوذه وكل قوته مِن أجل تعويضهم عن فترة السِّجن، وإرجاع مَن كانوا أساتذة في الجامعة إلى التَّدريس فيها مِن جديد، وكان يجتمع بقادتهم في ليبيا، وذلك بشكل متواتر”.
كان الهوني في هذا الأمر صاحب دراية لا رواية، فقد تم إيفاده، مِن قِبل القيادة الليبية، إلى حسن الترابي للتوسط بين إخوان السودان والسلطة السودانية، وتم ذلك بطلب ملح مِن قطر أيضًا.
ويضيف الهوني في كتابه أن القذافي الابن قرر، وبنصيحة قطرية، أن يُعين مراقب الإخوان الليبيين بالوكالة رئيسًا للوزراء، لكن القذافي (الأب) كان مشككًا بنواياهم.
كسب أعيان السلطة مِن قِبل الإسلام السياسي، كان عميلًا منظمًا لقضاء “أشغال بهم”، والتَّجارب كثيرة. وعلى ما يبدو، كانت تجربة قطر أبرزها وأنجحها، فبجهودها كاد الإخوان يُقيمون خلافة على مقاسهم، وعندها ستكون الدَّوحة مركزها ومحورها، والبداية مِن ليبيا عن طريق نجل القذافي، وولي عهده مثلما كان يُفهم من دوره في مؤسسة الحكم الليبية، وبعد فشل المشروع التفتوا إلى الرَّبيع العربي، ونجحوا بتونس ثم بمصر، وإعلان النَّجاح بصلاة الشَّيخ يوسف القرضاوي في ميدان التحرير بالقاهرة.
الخلاصة فشل “الإخوان” في محاولتهم بكسب ملوك ورؤساء وشباب مِن أمراء ومشايخ الجزيرة والخليج، ولكنك تراهم نجحوا مع قطر.
فما صنعته قطر للإخوان كثير، وكادوا بثروتها وإعلامها يقيمون حلمهم في الخلافة، ولا يُبذل لهم هذا لمجرد توظيفهم، إذا لم تكن قطر نفسها صاحبة العقيدة.