القمع الذكورى للمرأة
يقول شكسبير “المرأة كالزهرة إذا اختلعت من مكانها تتوقف عن الحياة” .
فهل نحن نحيا بمجتمع يهتم بتلك الزهرة ويمعن العناية بها، أم معظم النماذج فى مجتمعنا تعمل على اختلاعها من جذورها للقضاء عليها البته ؟
المرأة على مر العصور كانت ركيزة أساسية يعتمد عليها الكثير من الأدباء والشعراء لنزول وحى الكتابة عليهم، فهى بمثابة مصدر للإلهام، وهى أيقونة للجمال “فلم يخلق القبح لحواء أبدا، فكل فتاة لها جمالها”، فالجمال فى المرأة يتجسد بمختلف أشكاله فمنهم من تغنى بجمال الروح ومنهم بالوجه ومنهم بذكر مقاتنها ومنهم من وصف الجسد .
نتوقف هنا عند الجسد .. فسيظل الجسد مشكلة لدى العديد من الرجال طالما هم ينظرون له بمنظور الغريزة وليس بمنظور أنها بعقل وله طموح فكرى فى الحياة.
لسنا مجبرين على أن ندفن أنفسنا بالحياة لأن الرجل غير قادر على التحكم فى غرائزه مثل الحيوانات.
لكن المجتمع و تحيزه إلى الجهه الذكورية يطلب منا أن ندفن أنفسنا بالحياة بالفعل، ليس ذلك فحسب بل يقع على عاتق المرأة الكثير من القمع الذكورى لها، قمع لشخصيتها واستقلالها، قمع لطموحها، وأيضا قمعا لحريتها.
الكثير من الرجال لا يستطيعوا الاعتراف بشخصية المرأة واستقلاليتها وبأن يكون لها كينونه بذاتها، ومن الممكن أن يعتبره نوع من الخيانة وتعدى على رجولته، وهذا ما يفسر أن معظم رجالنا يفضلون المرأة التى لا تعمل … وبالتالي التى لا تكبر ولا تتساءل ولا تتقدم.
أما بالنسبة لقمع الطموح فالمرأة في مجتمعنا مكبلة بسلاسل مؤصدة محكمة القفل، سلاسل تحرم عليها حقها في أن تحلم وتطمح في الإنجاز و في التقدم وإثبات الذات، فغالبا تلك العوائق في المجتمع تكون وهمية ليست حقيقية يخلقها فقط من أجل تحطيم المرأة وأحلامها فحسب، فيحتكم معظم الأزواج إلى هاته العادات والتقاليد ونظرة المجتمع تلك لقمعها، و أحيانا أخرى لمجرد مزاجية منه تدفعه لمنع زوجته من الإنجاز والتقدم.
وتتجلى أيضا العادات والتقاليد والعوائق التى وضعها المجتمع لاعاقة المرأة في قمع حريتها والتى تكون ليست لها أى محل من الصحة ولا تعتمد على ركائز ودلائل تقوى من أسبابها، فسلب حرية المرأة أمر غير مقبول، حيث إنها فطرتها التى خلقت عليها، كما أنها قيمة عظيمة منحها إياها الخالق .
الآن دعنا نتتطرق إلى حرية المرأة في ديننا الإسلامي، وسنذكر وقائع أعطت للمرأة حريتها وكفلتها لها في ديننا الحنيف.
فقد وصلت حرية المرأة في الإسلام إلى حدود عظيمة لدرجة مناقشة الخليفة، ففى يوم (قال عمر: لا تغالوا فى مهور النساء، فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول واتيتم إحداهن قنطارا من ذهب، فقال عمر: إمرأة أصابت رجل اخطأ) .
كما وصلت حريتها لمناقشة الوحى، فلما أحست أم سلمة أن الوحى يخاطب بقوله الرجال فقط، راحت لرسول الله مسرعة ( وقالت: يذكر الرجال في الهجرة ولا نذكر) فنزل قول الله تعالى :(فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) .
مع كل ذاك القمع الذكورى هل وجدت من يمعن العناية بهاته الزهرة، أم هنالك من يعمل على اختلاعها من جذورها للقضاء عليها البته ؟
التعميم هنا غير مقصود فهنالك نماذج من الرجال تقدر المرأة، أما الحديث هنا عن النقيض الآخر والسائد فى مجتمعنا، فإما أن تنصاع له المرأة أو سيكون له طرقه الخاصة لعقابها إما بالطلاق أو الزواج من أخرى، أو السب أو الضرب، و فى حالة الأزواج المثقفين أو المهذبين فإنه يكون بالاهمال أو الهجران أو يتسلل في البحث عن أخرى كعشيقه تتبعه اتباع أعمى وتطيعه طاعة عمياء لأنه صائب مائة فى المائة و لأنه لا يخطىء أبدا ولأنه ليس بشرا بل إله.
ليس لى سبيل إذن إلا أن أقول:
قيدونى
سلسلونى
عذبونى وراء قضبانى
سعوا دوما لقتل أحلامى وآمالى
اطفؤا حتى نور السماء عنى وحجبونى
حتى مولد البسمة بات صعبا داخل عيونى
لكنى حتما سأقهر سجانى
وأنزع سلاسلى وأخرج من قضبانى
وأحلق فى السماء بعيدا ولا أبالى
آمال سالم