يقولون ان بالقرية مستذئب، روع النساء والاطفال، والتهم لحوم الرجال حتي شبع، ولكني لا اصدقهم .. اظن انهم يحاولون ان يخفوا جرائهم خلف تلك الشائعة.
ولكن هل يعقل ان يكون الجميع مجرمون؟! فقد اقر معظمهم انه قد رأوا رؤيا العين، كائن ضخم مشعر يتشابه في شكلة مع الذئب ولكنه اكبر حجما ويسير علي قدمين .. دائما ما كان يتسلل خلفهم في اليالي المقمرة .. بعضهم نجا بلا خدش .. ومنهم من فقد احد اطرافه .. ومنهم من لم يصاب الا بالفزع الذي لن يفارق قلبه ابدا.
ولكني لم اقابلة حتي الان .. لا ادري لماذا .. ولا ادري حتي لما اهتم بالموضوع كثيرا .. لماذا اريد ان اراه؟!
بضع اسئلة تجول في ذهني بلا اجابة .. حسنا ساذهب الان للفراش فغدا سيكون يوما طويلا .. ويجب ان اخلد الي النوم مبكرا حتي لا اشعر بالارهاق كالعادة .. لعله السن قد فعل بي فعلته، وربما يكون السبب الكابوس الذي يطاردني يوميا، فانا اراه في نومي كل يوم اراه يطاردني وانا امامه اجري باقصي سرعه، ولكنه دائما يتمكن مني، فاستيقظ مفزوعا لاجد نفسي في شرفتي الواسعة ممددا علي الارض.
في الصباح التالي استيقظت في الشرفة كالعادة بعد التهامي من قبل الوحش .. فاخذت حمامي لامحو اثار مخالبه من جسمي وعقلي .. وارتديت ملابسي .. وذهبت للعمل .. ولكن لم يكن اليوم طبيعيا، فقد وجدت زملائي جميعا يستعدون للذهاب الى جنازته…
انه مديري .. مديري الذي كان دائم الصراخ في وجهي .. كنت اعتقد انه يكرهني او انه كان فقط يتصيد لي الاخطاء حتي يقوم بطردي من العمل، ليفسح المجال لاحد معارفة او ابنائهم لشغل مكاني، لا ادري ان كنت سعيدا ام حزينا، ولا اعرف ان كنت من الاساس اهتم.
ذهبنا جميعا للجنازة .. وراقبناه وهو ينزل تحت التراب، مع السلامه يا ابن العاهرة اخبرتة بذلك في نفسي .. واتمني ان يتمكن من سماعها كم كنت اكرهه، ولكن كانت هناك همهمه خفيفه بين صفوف الحاضرين .. ارتفع صوتها قليلا حتي صاح احدهم انه الوحش.
لا استطيع اخفاء هذا السر .. فقد كنا في طريقنا للمنزل امس انا والمدير .. فهاجمنا الوحش واجبرنا علي التوقف بالسيارة علي جانب الطريق .. واقترب منا بسرعة وسط الصرخات المتقطعة .. ثم انتزع المدير من نافذة السيارة .. وشرع في التهامة وسط ملحمه من الصراخ والالم .. وتناثرت الدماء في كل مكان .. ولكن الغريب انه لم يلتفت لي نهائيا وكاني كنت شبح، رغم التقاء اعينا حتي لبضع مرات .. ولكن اعتقد انه كان يتجاهلني عمدا.
قصة غريبة رواها لنا هذا المعتوه .. كيف يمكن لوحش ان يميز بين ضحاياه؟!
لماذا لم يلتفت لهذا المحظوظ؟!
لماذا لم يخلصة هو ايضا من معاناتة؟!
ولكن الان بدأت احب هذا الوغد .. فقد خلصني من معظم اعدائي .. مديري السمج، وحبيبتي الخائنة، وصاحب المنزل الجشع .. ليته يقضي علي الجميع حتي لا يبقى غيري علي وجه الارض، وحينها فعلا سأعيش بسعادة.
ولكني فعلا اتمني ان اقابله .. ولكن وقتها لا اريد ان اكون مكان مديري .. اريد ان اكون اكثر الناس حظا.
في الصباح التالي استيقظت علي غير العادة في مكاني .. فارتديت ملابسي، وذهبت الي عملي .. كان يوما مملا، لم تكن هناك اي اخبار عن الوحش .. بل لم يكن هناك اصلا اي اخبار جديدة. الكل في صمت يعمل وهو شارد .. اظن ان الخوف قد تملكهم، فلا احد يعلم من سيكون الضحية التالية.
في طريق العوده ابصرت رجال الشرطه يملئون الشوارع، فاصبحت تجدهم علي جوانب كل طريق، يجلسون في سياراتهم ينتظرون ظهوره .. ولكني اظنهم اشد خوفا من العامة، فهم الوحيدون غيري الذين يبحثون عن الوحش، ولا يبحث هو عنهم .. واظن ان اللقاء بينهم سيكون حتمي، فلا اعتقد انه سوف يغادر البلدة او سيتوقف عن الظهور.
لم اذهب الي منزلي مباشرة .. بل عرجت علي احدى المقاهي الشعبية المنتشرة بالبلدة، وطلبت طعام كانت وجبة دسمة مليئة بشتى انواع اللحوم، فانا فعلا لا اعرف لماذا اصبحت اشتهي اللحوم بكثره، ودائما ما اتناولها بشراهة، حتي اني احيانا اشتهيها نيئه .. اظن اني في طريقي لفقد عقلي، كانت القنوات الاخبارية تتناقل اخبار الوحش .. وها هو احد الخبراء المتخصصين في الحكايا الشعبية والاساطير يشرح للمذيعة تاريخ ظهور هذا النوع من الوحوش .. لم اهتم كثيرا بالامر .. ولكني ميزت بعض كلماته، فقد اخبرها بانه يستحيل ان يظهر ما دام القمر غير مكتمل، وانه سيختفي لبضعه ايام، حتى يكتمل القمر مره اخرى، وانه لا يمكن القضاء عليه نهائيا بالاسلحة المعتادة التي يستخدمها رجال الشرطه، ولكنه ايضا اخبرها ان هذا المستذئب عند شروق الشمس لا يتذكر اي من احداث الليلة الفائتة، وغالبا لا يعرف انه من الاساس مستذئب .. يتناول الناس في المساء، وفي الصباح يمكن ان يكون طبيبهم المعالج! يالهذا الواقع المجنون!
مرت نهايه الاسبوع بطيئة .. قضيتها مع بعض الاصدقاء القدامي، قمنا بالتخيم في احدي الغابات القريبه، وكنا نتوقع هجوم الوحش، ولكن كلام الخبير في البرنامج كان يطمئنني، فالقمر كان قد اختفي من السماء، وكأنه لم يكن هناك يوما.
مضي الوقت بطيئا، واستمتعنا قليلا، وعاد كل منا الي منزله … تناولت مشروب دافئ، وذهبت الي السرير، وقد اعياني الارهاق.
اغمضت عيناي .. وبدأت كوابيسي مره اخري للاسف .. ولكن هذه المرة الموضوع مختلف .. الوحش لا يطاردني .. ولكن انا الوحش هذه المره!!!
أهيم في شوارع المدينه بلا هدى ..وفجأه قادتني خطواتي الي منزل احد اصدقائي .. نعم انا اعرف هذا المنزل، انه منزل ستيف صديقي العزيز .. اخذت في التقدم بسرعه داخل المنزل، وصعدت على عجل الى غرفة نومه، ولكنه ليس في الغرفة…
علي الارجح هو في المغطس الان ياخذ حمامه اليومي، ولكن لماذا اتى بي الوحش الي هنا؟ ما هذا الحلم السخيف؟!
ابصرت صوره في برواز ذهبي جميل فانتابني الفضول لاري صورة من التي بداخله .. فجأه اصبت بالصدمة .. فقد كانت صورة حبيبتي الخائنة التي سبق والتهمها الوحش…
انا علمت بخيانتها .. ولكن لم اعلم ان صديقي المقرب هو الاخر خائن .. وفي نفس اللحظه انفتح باب الحمام، ليخرج صديقي، ويجدني امامه .. ولكن طبعا ممثلا في صوره الوحش…
وبسرعة هجمت عليه .. ومزقت احشائه .. وقضمت سبابتة .. واحتفظت بها .. ثم عدت الي المنزل، مع اول ظهور لشعاع الشمس .. فرجعت الي هيئتي العادية، وخلدت الي النوم وانا اظن ان الامر برمته محض حلم.
مرت عده ساعات وانا نائم.
واعتقد اني اليوم قد فوتت موعد عملي .. فجأه رن هاتفي .. وسمعت احد اصدقائي ينعيني في وفاة ستيف، فقد قتله الوحش ليلة امس ومزق احشائة…
اغلقت الهاتف .. وعدلت جلستي في الفراش .. هل يعقل الا يكون مارأيت امس مجرد حلم؟!
هل انا فعلا الوحش؟!
هل ستيف فعلا خائن؟!
وضعت اصبعي في جيب بنطالي .. وتحسست ما بداخله .. انه اصبع سبابه مغطي بالدماء….!
يا الهي .. الامر فعلا صحيح .. لقد اصبحت الان مصدر خطر علي كل من حولي .. واعتقد انهم من الممكن ان يثار الشك حولي قريبا .. فجميع من ماتوا كانوا في دائرة معارفي.
اخرجت حقيبه السفر من الدولاب .. وملأتها بكل ما احتاج .. واخذت سيارتي الي الغابة القريبة .. والقيت بها من اعلي الجرف، حتي ازيف وفاتي .. والان علي ان اقبل قدري .. (انا الوحش وهؤلاء ماشيتي)!