اليوم استطعت ان احقق اكبر انجاز في حياتي العملية اليوم اصبحت اصغر مدير تنفيذي في شركه من اكبر شركات الاجهزة الالكترونية في الشرق الاوسط وانا لم اتجاوز الثلاثين من عمري” لست من الاشخاص الذين دائما مايحبون التحدث عن انجازاتهم في الحياة العملية والتباهي بها ، فعلا لقد كان لعائلتي دورا كبيرا في تحقيق النجاح في حياتي العملية فامي قبل ان تتوفي دائما ماكانت تدعمني وتشجعني علي التعلم وتطوير مهاراتي ، اما ابي قد كان له دور كبير ايضا في ما حققته اليوم .
شكرا لك مهندس محمد عبد السلام علي حديثك الشيق الذي ساهم في امتاع المشاهدين اليوم وتوجيههم الي الاهتمام بمهاراتهم وتطويرها حتي يكون في مجتمعنا المصري الاف الناجحين من امثالك كانت معكم مذيعتكم المحبوبة هناء عبد الكريم من التلفزيون المصري .
انهيت مقابلتي التلفزيونية واسرعت لاستقلال سيارتي الفارهة والذهاب الي منزل ابي العزيز ،فللوظيفة الجديدة متطلبات ايضا فيجب عليا ان اسافر الي المانيا لاتابع العمل من مقر الشركة الرئيسي واقابل اكبر المساهمين بالشركة واتعرف عليهم ، ولكن ابي من يقوم بالاعتناء به بعد سفري ؟ فهو لايقدر علي مرافقتي فهو رجل عجوز كثير المتطلبات وانا الان احتاج الي كل دقيقه من وقتي حتي استطيع ان احقق ما اتطلع اليه واكون عند ثقه المساهمين في الشركه ، ولهذا قد توصلت الي حل ممتاز استطيع منه ان احقق طموحي واطمئن علي والدي ايضا ساقوم بايداعة في افضل دار لرعاية العجزه في مصر انها دار الرحمة والوفاء صممت علي اعلي معايير عالمية لخدمة النزلاء والاهتمام بكل متطلباتهم ، ولكن اعرف ان ابي لن يكون سعيدا هناك بل هو قد قرر مقاطعتي من اليوم الذي اخبرتة فيه بقراري لقد فضل الصمت وعدم الكلام فقط كان يرمقني بنظرات حزينة قصيرة ،لا اعرف هلي يجب علي ان اترك كل ما اسعي اليه وارغب في تحقيقة حتي ارافق هذا العجوز البائس ، اعتقد انه لو كان مكاني لم يكن ليتردد لحظة واحده لاتخاذ قرارة ،
وصلت بالفعل الي منزل ابي فانا لا اقيم معة من اعوام ولكني اضطر لازوره عده مرات اسبوعيا لااتفقد احواله ولكن مع ذلك فقد احضرت له مرافق طبي ليرعاة في اثناء غيابي ، اهلا ابي كيف حالك ؟ هل ستستمر في هذه التصرفات الصبيانية وتستمر في الخصام ، هلا فعلا ستتركني اسافر دون ان تودعني ، اشاح ابي بنظره بعيدا واستمر في صمته فقبلت جبينه واخبرت الممرض ان يقوم بتجهيزة للذهاب فذهب به الي الحمام ليأخذ حماما استعداد للخروج ، وانا بدائت في تفقد الاثاث بالشقة لاخذ منه اي شئ ذو اهمية استعدادا لاستلام شركة التسويق العقاري للمنزل حتي تقوم بتاجيرة هو والاثاث ، وجدت مفكرتي القديمة التي كانت تمتلئ بحكايات المراهقة والطفولة ، وميزت كره القدم الخاصة بي الموقعة من الكابتن بيبو الخطيب تذكرت للحظة يومها عندما كنا في مبارات اعتزالة وكانت اعداد الجماهير غفيرة ولكن ابي استطاع ان يجلب لي توقيعة بعد ان طلبته منه ، حقا لا اعرف كيف استطاع ان يفعلها ولكن كل هذه الامور لم تعد مهمة ، دخلت غرفة والداي القديمة فوجدت صوره كبيره لامي وابي في زفافهم في مواجهة الباب كم كنت اقف امامها قديما لاتامل جمال امي وقوه وشباب ابي فقد كان وسيما هو الاخر ولكن الزمن يمكنه ان يغير كل شئ ، رفعت غطاء الفراش وارحت جسدي عليه لاستنشق اخر نفحات عطر امي الذي كان يملئ المنزل دفئا وسعادة , شعرت بشي غريب تحتي سبب لي الما في ظهري فرفعت الفراش لاجد البوم صور قديمة ممتلئ بصور قديمة لعائلتنا ،في مراحل مختلفة من حياتنا ، هذه صورة تجمعني انا وابي وامي ولكني فيها كنت حديث الولاده غالبا لم اكمل شهري الاول ولكن ماهذا هناك ملاحظة مدونة علي ظهر الصورة انه امر غريب فجميع الصور تحمل علي ظهرها ملاحظات ، في الصوره الاولي كتب ابي “انه فيها كان قد فصل من عملة من يومان وانه اخفي علي امي هذا الامر حتي لا تحزن وتتاثر حالتها الصحية بالأمر فهي لم تكن قد استردت عافيتها بعد من الولادة “، دققت النظر في الصورة مره اخر فرئيت نظرة حزن في عين ابي تختبئ خلف ضحكتة المزيفة ، وفي الصورة التالية كان ابي يحملني فوق كتفية وكنت في غاية السعادة في احد الحدائق العامة ، كتب في خلف تلك الصورة ” ان ابي يومها كان قد فقد اعز اصدقائة في حادث سيارة صديقة عامر كما ذكر في الملاحظة وانة لم يجد طريقة ليهون بها علي نفسة سوي الخروج مع طفلة الصغير وسر سعادته الوحيد الان ” ، وفي الصورة التالية كان ابي يقف بفخر وفي يدة مايشبة الجائزة وانا اقف بجانبه ممسكا بيدة اعتقد اني كنت في الثالثه من عمري مثلا ، كتب في خلف الصورة ” اليوم قد فزت بجائزه الدوله التشجيعية في الرسم ” عرفت الان من اين قد ورثت مهارتي في الرسم ، مرت بعض الصور فرئيت نفسي في ثياب المدرسة الانيقة وبجواري ابي قد كتب علي ظهر الصورة ، ” اليوم استطعت ان الحق ابني العزيز بالمدرسة الامريكية لا اعرف فعلا كيف ساقوم بدفع اقساطها وبالفعل بدائت اليوم في عمل جديد في الفترة المسائية في شركة عقارات كمهندس معماري بجانب عملي صباحا في وزاره الاسكان فمرتب الحكومة بالطبع لن يكفي ” . لهذا لم اكن اراه كثيرا وكان دائم الغياب كان يعمل مساء ايضا ومع ذلك اتذكر انه لم يكن يضيع اي من ايام الجمعه دون ان نذهب للتنزه معا رغم انه كان يحتاج للنوم والراحه فيها . الصورة التالية كانت في صالة استقبال واسعة وكتب علي احدي جدرانها صالة رقم (1) مطار القاهره الدولي المغادرون وفي ظهر الصوره كتب ابي ” لم اجد بدا من السفر فبرغم عدم مقدرتي علي ترك طفلي العزيز وزوجتي الا ان الوضع المادي لي لن يستطع ان يتكفل بالحياه التي اريدها لابني العزيز محمد ” ، في الصوره التاليه كان ابي في صحراء شاسعه يقف بجوار سياره نصف نقل ممحمله بالبضائع وبجواره شخص اخر يبدو من ملامحه انه من ابناء الجنوب ، وكتب في ظهر الصورة ” اخبروني اني ساعمل مهندسا في احدي المشاريع الهندسية ولكن عندما حضرت اكتشفت انهم قد اخلو بالعقد واني
بلا عمل او اقامة بعد ان دفعت لمكتب السفريات معظم مدخراتي ولكني رفضت ان اعود مهزوما فساعدني بعض المصريين لالتحق بالعمل كسائق في نفس المشروع الذي كان من المفترض ان اكون مهندسة المسئول ” ، فعلا لأذكر ان ابي قد ذكر امر مشابها كهذا لي او لامي من قبل هل حقا كانت سنوات الغربة السبعة لابي سنوات خادعات كان دائما يخبرني عن المشروع الضخم الذي عمل به كمهندس وعن صولاتة وجولاتة بين العمال والحرفيين ، وفي الصورة التالية كنت في الصورة مع اصدقائي في الجامعه الامريكية وكتب ابي في ظهرها ” اليوم قد حصل ابني علي شهادته كمهندس الكترونيات اليوم فعلا هو اسعد ايام حياتي ليتك كنت بجانبي يازوجتي العزيزة لتري ابنك وقد صار رجلا ” تذكرت هذه الفتره فقد ماتت امي قبل تخرجي بشهر واصيب والدي ببعض الضعف في نظره من حزنه علي وفاه امي ولكني فعلا كنت متبلد القلب فعلا لم اذكر اني قد بكيت فقط حزنت واشتقت قليلا لامي ولكن لم يصل بي الحال للبكاء ، في الصورة التالية كان ابي وحيدا شاحبا جالسا علي مقعدة المتحرك وكانت الصوره غير واضحة وكانه قد التقطها لنفسه بكاميرتة العتيقة وكتب في ظهرها اليوم هو عيد مولدي الستين ولكني مع الاسف اقضية وحيدا فقد ماتت زوجتي العزيزة وانشغل ابني الغالي عني بالعمل ولكني سعيد من اجله لعله يحقق ماعجزت انا عن تحقيقة بسبب الظروف ” انتهت الصور وتغيرت معها نظرتي لابي ولنفسي هل فعلا عاش ابي تلك الحياة التعيسة ؟ هل فعلا تمكنت مني الانانية حتي اكون بمثل هذا الجحود ؟ ادركت لوهلة ان ابي قد ضحي من اجلي بحياتة كلها وانا لم افكر للحظة بالتضحية ببعض الساعات الاضافية من وقتي حتي لايشعر ابي بالوحدة .
خرجت من الغرفه مسرعا نحو ابي فوجدته جالس علي كرسية المتحرك بعد ان غير ثيابة ولكن يبدو من جلسته انه نائم اقتربت منه ببطئ وركعت علي ركبتي امامة ونظرت لوجهة وقد ارتسمت سنين عمرة عليه ممثلة في تجاعيدة وثناياة ، حاولت ايقاظه وانا اخبرة باسفي واني قد قررت عدم السفر والتفرغ له اخبرتة عن رحلاتنا المستقبلية اخبرتة بانة لن يشعر بالوحدة مره اخرى كل هذا وانا احاول ايقاظة ولكن دون جدوي . صرخت مستغيثا بممرضه فجاء علي عجل فاخبرته بان ابي لايستيقظ من نومة العميق فتحسس يدة واسند راسة علي صدرة واخبرني في قلق ان الوضع غير مطمئن وانه يعتقد ان ابي قد توفي ، صرخت فية بهلع بغضب ماذا تقول ايها الاحمق لايعقل ان ابي قد توفي لايمكن ان يتركني الان بعد ان تاكدت اني احبة بعد ان عرفت مقدار معاناتة بعد ان قررت اناعيش تحت قدميه الان تخبرني انه قد مات دون ان يغفر لي ويسامحني ، للاسف قد تاخرت ليتني شفيت من غفلتي في وقت ابكر .