كتبت – رجاء عبدالنبي
يعد غدا الاثنين 106 سنوات على ميلاد الأديب العالمي نجيب محفوظ، الذى ولد فى 11 ديسمبر عام 1911، ويعد أحد أهم وأكبر مؤرخي مصر الاجتماعيين وأفضل من قدم الحارة المصرية بآثارها وتراثها المادي والمعنوي في أعماله الفنية سواء الأعمال الأدبية أو في أفلامه السينمائية.
وأشار الأثري سامح الزهار المتخصص فى الآثار الإسلامية والقبطية، فى تصريح مع مندوب وكالة أنباء الشرق الأوسط بهذه المناسبة، أن الأديب العالمي نجيب محفوظ استحضر روح التاريخ القديم الذي سكن بوجدانه وقدمه فنيًا، ربما لأنه ابن تلك المناطق العتيقة التي وصفها بقلمه وهو في أقصى حالات تجلياته الأدبية، موضحا أنه قدم لنا القاهرة التاريخية بشكل رائع حتى أنه في بعض الأحيان يعود المتخصصون وعلماء الآثار إلى ما كتبه محفوظ لاستلهام تلك الفترة التاريخية مع عمل بعض المقارنات بين حالة الأثر الذي قدمه في زمنه وبين وقتنا الحالى.
كما أوضح أن نجيب محفوظ اكتشف القاهرة التاريخية أدبيًا وإنسانيًا وأثريًا، وتجلى هذا تحديدا في رواياته وتحديدًا في ثلاثيته (بين القصرين – قصر الشوق – السكرية) فعلى سبيل المثال استخدم محفوظ قصر الأمير بشتاك المملوكى وكان بيتًا لأهم شخصياته وهو السيد أحمد عبد الجواد وهو نموذج رائع للعمارة المدنية المملوكية لصاحبة الأمير سيف الدين بشتاك الناصري أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون.
وأشار إنه قدم كذلك في ثلاثيته بعض الأماكن الأخرى من شارع المعز والذي كان يسمى حينها بين القصرين فقدم المنطقة المحيطة بجامع برقوق بكافة تفاصيلها حيث كان المحل التجاري الخاص بـ “سي السيد” يقع أمام مسجد برقوق ولا توجد متاجر أخرى في هذا الجزء من الشارع وباقي المحلات توجد إلى الجنوب على مسافة تقرب من 300 متر في النحاسين.
وأشار إلى أنه من بين المناطق التي قدمها محفوظ منطقة بيت القاضي وهي المنطقة التي ولد فيها وتحديدا حاليًا البيت القائم رقم ٨ بميدان بيت القاضى، وهو يقوم على ذات المساحة وذات المكان على ناصية درب قرمز حيث الحارة التى أسهمت فى تكوينه، كما قدم وصفا دقيقا أدبيا وسينمائيًا لقبو قرمز وهو الكائن أسفل مسجد ومدرسة مثقال التي أنشأها الأمير سابق الدين مثقال مقدم المماليك السلطانية الأشرفية نسبة للأشرف شعبان سنة 762هـ وقد خصصت لدراسة الفقه على المذهب الشافعي.
وبين أن هذا القبو هو الذي ظهر أسفله شخصية السيد أحمد عبد الجواد وأسرته وهو يعاني من أزمة قلبية، مؤكدا أن محفوظ من خلال هذا المشهد قدم رؤيته حول تراجع مفهوم القوة وإن طال وخلد بهذا المشهد هذا القبو الرائع الذي لا يوجد منه في القاهرة سوى اثنين فقط.
وأكد أن محفوظ حرص على أن يبرز في أعماله كتاب الشيخ بحيري الكائن في حارة الكبابجي القريبة من درب قرمز وهو الكتاب الذي تعلم فيه القرآن الكريم والقراءة والكتابة في سن الرابعة، كما قدم محفوظ آثار منطقة القاهرة التاريخية ونسجها في الدراما في عدد من أعماله المميزة مثل رواية خان الخليلي وزقاق المدق وغيرها…إلى جانب أعماله الأدبية التي تتناول التاريخ المصري القديم وآثاره مثل عبث الأقدار ورادوبيس وكفاح طيبة وغيرها.
وقال الزهار” كنت أتمنى أن يكون متحف نجيب محفوظ في منطقة شارع المعز حيث نشأته وحياته وارتباطه بها وكان وجود متحف له في تلك المنطقة سيكون أفضل بكثير من اختيار تكية “محمد بك أبو الدهب”، وقد وافقني في هذا الرأي كل مريدي “المجالس المحفوظية” وعلى رأسهم الراحل الأديب جمال الغيطاني، ولكن يبدو أن هناك أمورا قد منعت ذلك ولذلك فلا بأس من استكمال متحفه الذي اقتربنا من افتتاحه الجزئي”.
وأوضح” إنه كعادة المفاجآت المحفوظية التي تصحب كل ما ارتبط باسمه فقد اكتشفت وزارة الآثار صهريجًا للمياه فى مكان متحفه المزمع بتكية “محمد بك ابو الدهب” عبارة عن خزان للمياه تحت الأرض، حيث كان ضروريًا وجود خزان مياه لخدمة البشر والمنشآت طوال العام وأيضًا وجود سبيل وحوض للدواب، لافتا إلى أن وزارة الآثار على عهدة المشرف العام على شئون المناطق أوضحت أن الاكتشاف جاء مصادفة عند تركيب المصاعد وأنه لن يؤثر على استكمال المشروع”.
وطالب الأثري سامح الزهار، الدولة متمثلة في وزيري الآثار والثقافة بسرعة الانتهاء من المرحة الأولى من متحف هذا الأديب الذي كما قدم لنا أدبًا راقيًا ملهمًا، وقدم لنا تأريخًا لآثارنا الإسلامية في القاهرة التاريخية بعين المحب وهذا فقه العاشقين.