عارفين؟ .. إحنا في الدنيا دي عاملين زي اللي جاي ياخد درس خصوصي .. كل واحد فينا له نصيب مختلف تماما فيها غير التاني .. كل واحد فينا له حكمة ودرس خاص بيه محتاج انه يتعلمه!
بنعيش في الدنيا دي زي التلاميذ اللي في الدرس بالضبط، كل واحد فينا جاي محتاج يتعلم ويستوعب درسه لأقصى درجة عشان يعدي الامتحان .. بنعيش تحت ضغط معظم الوقت لاننا عارفين اننا في امتحان درجاته على قد اجتهادنا ونتيجته في رقبتنا مهما أنكرنا ومهما بررنا ومهما علقنا عالشماعات من حجج للكسل!
دروس الدنيا بتختلف من شخص للتاني .. محدش زي حد، لا في الدماغ ولا في طريقة الاستيعاب ولا في الظروف ولا في الأهداف .. والطلبة بقى على كل نوع يا دنيا … بتلاقي حد جاي عشان عايز يرضي أهله وينجح وبس .. يجيب درجات ويادوب يعدي، لا عنده هدف خاص بيه ولا شغف عايشله ولا أي خطة واضحة .. هو جاي مزقوق وعايشها “كده” ودي نوعية صعبة شويتين في التعامل معاها لأنك بتلاقيهم مش فاهمين أصل الحكاية ولا مهتمين يفهموا أصلاً .. لا عارف هو جاي الدنيا دي ليه ولا راضي يفضي دماغه عشان يفكر في الحكمة ولا عايز يكلف نفسه ويجاهد لتغيير حاله .. هو صحي من النوم لقى نفسه كده فتمام .. مكمل “كده” وبس وده زي المتوقع درجاته بتبقى عالحُركرُك زي أى طالب من النوع ده، لا عاش رحلة دراسة ممتعة ومليانة تحدي ورغبة في الوصول ولا هو لما حيوصل فارق معاه أوي النتيجة اللي قطعا مش حتوصله لحاجة واو…
وفيه حد مستبيع .. جاي يحضر الدرس غصب عنه مزقوق برضه بس درجة اهتمامه بالنتيجة زيرو، مفيهاش حتى خوفه الظاهري من أهله .. هو كل اللي فارق معاه انه يرتب لخروجة ما بعد الدرس وحيعمل ايه وحينبسط دلوقتي ازاي وبس .. مش شاغل باله لا بأهداف ولا نتيجة خالص، ولا سامع المدرس من أصله .. هو سامع صوت نفسه وبس وكل هدفه الحصة تخلص عشان يجري وينبسط ويشهيص ويعيش .. مضيع صحته ونفسه .. ساحل معدته وبيفطر كل يوم بتنجان! .. حلو البتنجان والله معترضناش، بس مش كل يوم يعني يا عم جرب البيض المسلوق والجبنة ام طماطم مالهم يعني؟ .. ده في الغالب بيسقط ومبيبقالهوش أثر .. بيختفي بمجرد انتهاء عامه الدراسي .. بيبقى أخد المتعة اللي ضحى بكل شيئ عشانها وملوش أي خط رجعة .. في المدرسة مرات الرسوب ليها تعويض محددة لو استنفذها انتهينا .. في الدنيا بقى اللي بيستنفذ فرصته في الحياة والتعلم وتصحيح الأخطاء … كلنا عارفين!!!
جوه الدرس بتلاقي البليد .. اللي بيمسح التختة .. كل ما المدرس ينتبهله ويديله كلمتين في جنابه لانه مش مراعي ربنا في تمن الدرس اللي اندفع ولا بيحاول يتعب نفسه ويتعلم ولا هو فاشل وبتاع تفاريح ومقطع الدنيا هياس، يبتدي العويل والندب واتهام المدرس انه متنمر ومعندوش رحمة ومش بيديله فرصه او ان زمايله ريحتهم وحشة ومش عارف يركز منهم أو أن عم عبده اللي بيعمل الشاي زودله السكر وده عكننه ومخلاهوش يركز أو أي سبب ملوش أي علاقة من قريب أو بعيد في انه هو اللي مقصر في حق نفسه وانه هو طبيب نفسه وانه عارف فين علته وفاهم درسه كويس بس مدور وشه الناحية التانية ورافض تماما انه يتعدل ويتعلم ويعيش كويس زي مخاليق ربنا .. الندب أسهل من التعلم والمحاولة .. معروفة .. وده برضه نتيجته في الغالب بتبقى صفر .. بيمشي ويفارق بدون أثر أو سيرة تذكر!
فيه بقى الطالب المتفوق .. الألفا .. الشاطر اللي دماغه لمبتها منورة .. عنده أهداف، فاهم كويس انه جاي الدرس الخصوصي بمزاجه .. مش مركز أوي مع زمايله اللي قاعدين حواليه وأحوالهم وأهدافهم ودماغهم .. لا خالص .. باصص في ورقته وشاغل نفسه بحاله لأقصى درجة .. ده بتبقى رحلته متعبة ودروسه مش سهلة لأنه بيدرسها على حق .. يصحي الصبح يجهز نفسه للدرس .. تلاقيه بياخد باله من نفسه ومن صحته .. مش بعيد تلاقيه بيفطر شوفان بالتمر واللبن والفواكه المجففة .. أومال انتو فاكرين ايه .. ماهو مش أي سف في المعدة وخلاص .. مبيعرفش ياخد حاجة طياري أو من عالوش .. لا خالص .. تعمق وتركيز، لأن أهدافه دايما مختلفة .. الرحلة مبتبقاش سهلة ولا الدرس بيعدي عادي .. لكن لما بيوصل للحظة النتيجة وبيشوف نتيجته .. ده بيهديه وبيعوضه التعب الكتير اللي تعبه.
وفيه اللي بيحاول .. بيعافر .. ظروفه ودنيته طاحنينه ومزودين السحلة حبتين، وتلاقيه دافع فلوس الدرس بالعافية وقاعد جنب الشطار وبيقلدهم من باب من جاور السعيد يسعد .. بيصحى يضرب أي حاجة قدامه .. أي حاجة تقدمهاله الدنيا مش فارقه .. يوم طعمية ماشي .. يوم بتنجان ماشي .. يوم كرواسون ودلع ويا سلام عليكي يا دنيا لما بتحلوي .. المهم يكمل ويصلب طوله .. ياخد الضربة من دول فوق دماغه ويتوقعوا انه خلاص حيسيب الدرس ويبعد عن المدرسة لكن يلاقوه رجع تاني ويتوجع تاني ويرجع يحاول تاني .. النوع المعافر ده في الغالب بيجيب درجات كويسة وبيوصل .. استحقاقه وحق ربنا .. التعب والتحمل الغير طبيعي اللي اتحمله وهو شايف حاجة محدش شايفهاله .. وهو واثق وعنده يقين محدش يعرف جايبه منين بس هو رزقه ونصيبه.
الدرس الخصوصي مدفوع الأجر .. مفيش حد بياخد دروس من غير ما يسدد تمن الحصة وفي الغالب بيبقى مقدم!!! .. عشان كده لما تلاقي حد وصل لنتيجة كويسة، لو انت شخص بيفهم وبيدرك الأمور بشكل صحيح صعب أوي تحسد الشخص الناجح بعد الدرس ده .. لأنك بتبقى مدرك أنه دفع تمن الدرس على داير المليم .. على داير الأعصاب .. على داير الألم والوجع والتعلم اللي مش بالساهل! .. الناجح ده مأخدش حاجة ببلاش ولا استحق لحظة تفوق واحدة الا بتعب كتييير!
بتلاقي ان كل درس له تمن .. مفيش مادة زي التانية أكيد .. كل ما كان الدرس غالي .. كل ما كانت المادة أصعب والمدرس اللي بيديهالك بياخد فلوس كتير .. تعب كتير .. وجع قلب كتير .. في النهاية اللي بيتدفع في الدروس دي من أعصابك وأفكارك وقلبك الموجوع يستحق انك تحاسب في المرة الجاية لأنك ببساطة ممكن تخرج من الدرس متعلمتش ولا كلمة .. آه والله .. تخرج من الدرس مدووش بشوية هبل متلخص في انبهارك “أنا يحصللي كده؟!” “أنا آخد الدرس ده؟!” إزااااي؟! وكأنك مش عارف ولا فاهم انك بني آدم وعايش في دنيا وان التعلم طووول الوقت مهواش ناموس للحياة وقضيب قطر كلنا ماشيين عليه شئنا أم أبينا .. ودي بتبقى من أسوأ طوالعك بجد لو اتحملت كل وجع درسك الخصوصي ده وخرجت صفر بدون ما تتعلم حاجة!
حاجة بقى صعب ننكرها .. في الدروس وفي الإمتحانات بينجح كمان الغشاشين! .. أنا بسميهم “الحرامية” اللي هو لا اجتهد ولا اتعلم حرف ولا يستحق ينجح من أصله، بس غش ودلس ونجح وسطع وطلع في العلالي كده .. بتحصل! .. بس لإن نجاح الشخص ده مش مستحق ولانه لا متفوق ولا فاهم ولا مذاكر ولا عارف أي درس من أصله، فبتلاقيه طلع في العالي شويتين كده وبعدها وقع من فووووووق على جدور رقبته اللي بتتفشفش مليون حتة وبينكشف مهما طال الوقت .. قوانين الحياة وقوانين الطبيعة وقوانين ربنا .. عشان محدش يكفر بفكرة العدل حتى لو اتأخر ولا بفكرة الحق حتى لو عز في الدنيا بتاعتنا دي!
المدرسين بقى في دروس الدنيا زي دروس المدرسة بالضبط .. بيعدي علينا على كل لون .. فيه مدرس قلبه رحيم يديك الدرس بشويش ويصبر عليك ويعينك عشان تستوعب وتفهم .. عنده استعداد يعيد ويزيد عشان توصل لنتيجة كويسة .. لا بيزعقلك ولا في ايده خرزانة بيعلمك بيها .. وفيه مدرس بيديك الدرس بلسوعة الكرباج .. وجع فوق الوصف .. بس بيبقى درس عمرك .. محناش عندنا مناعة جامدة قوى تخلينا نتحمل دروس كتير من النوع ده ولا مدرسين بالقسوة دي .. بس اللي بيتحمل النوع ده من الدروس وبيستوعبه وبيعيش ويكمل بعده بيبقى شخص تاني خالص .. اتعلم وفهم .. واتحول!
وفيه بقى اللي بيبقى مدرس بالصدفة .. لا قاصد يعلمك ولا مهتم أصلاً بس تلاقي نفسك بتتعلم منه كتير .. هنا بيبقى الفرق في التلميذ الشاطر اللي عارف هو عايز ايه ومش جاي يتمرقع .. لأ .. جاي يتعلم وفاهم ده كويس.
بتلاقي الدنيا دي في النهاية بجد عاملة زي الدرس الخصوصي .. وان حضرناه سوا .. وان كنا جنب بعض فيه .. الا انك حتلاقي لكل واحد مواده اللي المفروض يدرسها، ودروسه وسكته المختلفة اللي ممكن توصله للنجاح وبر الأمان .. بتوليفة خاصة بيه هو لوحده بس .. محدش ينفع يبص في ورقة غيره بالضبط وبالمسطرة .. محدش ينفع ياخد تجربة حد بالملى ويطبقها على نفسه .. محدش يقول ماهي كويسة اهي ومماتتش يعني ما اعمل زيها وحتمشي معايا حلاوة .. أو ماهو ناجح أهو رغم كل اللي مر بيه ما أقلده عشان أوصل زي ما هو وصل .. أو فلانة دي أهي خالية وعايشة حياتها ودماااغ ما أقلدها .. ده بيبقى أعظم تشتيت لنفسك لأن الطريق اللي استحمله فلان .. ممكن جدا أنت متستحملهوش .. واللي مرت بيه فلانة .. لو مريت انت بيه يقتلك ويجيب أخرك .. ممكن تتأمل تجربتهم .. تدرس وتفكر عملوها ازاي دي .. بس لما تطبق .. تطبق الخلطة بتركيبتك انت وحياتك انت وقدراتك انت عشان متلومش حد في نهاية الامتحان وتقوله منا عملت زيك ومنجحتش!
وعلى طريقة الست فرنسا ودروسها الملفتة .. (عقلك في راسك .. عمرك لسه قدامك .. دروسك مكملة .. قلبك لسه بيدق .. عندك يقين أو عشمان تبني يقين يسندك .. النتيجة تستاهل … واللي يعطلك غُزه)
منى عبد العزيز
أغسطس 2019