مع أقتراب شهر رمضان المبارك تهل علينا نسمات الشهر والتي تتميز بطابع خاص في مدينتنا الجميلة الإسكندرية، ويتداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي بعض ذكرياتهم عن الشهر الفضيل من أغاني مميزة ممزوجة برائحة الزمن الجميل وذكريات عطرة عن صلاة التراويح وبالأخص عن مسجد القائد إبراهيم الذي لقبه البعض بالحرم السكندري وكان يشد إليه الرحال من مناطق متعددة بمدينة الإسكندرية و المحافظات المجاورة كالبحيرة ودمنهور وكفر الشيخ وغيرهم.
يعتبر مسجد القائد إبراهيم من أشهر المساجد في إقامة صلاة التراويح والتهجد في شهر رمضان، حيث يؤمه المصلون من أماكن متعددة داخل الإسكندرة وخارجها خاصة في العشر الأواخر، ويتجاوز عددهم الاّلاف، حيث يلتف المصلون من حول المسجد إلي ميدان محطة الرمل وصفية زغلول والكورنيش، لدرجة تعطل حركة المرور وتغلق بعض الشوارع.
فمسجد القائد إبراهيم لم يقتصر على كونه جامع يجمع المصلين في رحابه بل فله في نفوس السكندريين بقطبيهم المسلمين منهم والمسيحيين ذكريات أرتبطت بثورة يناير وتجمع المصريين عنده للمطالبة بحقوقهم، وكانت الشرارة منذ تشييع جنازة كلاً من مروة الشربيني وخالد سعيد مما أعطي للمسجد طابعاً وطنياً، حيث كان المسجد مقراً لإنطلاق العديد من المسيرات والمظاهرات، وكان ميداناً للإعتصام طوال مدة الثورة، وهو ما جعل للمسجد مكانة عيمة في نفوس شباب الإسكندرية وأصبح رمزاً للصمود والحرية.
علاوة علي أهميته التاريخية والدينية كمسجد أقيم في نهاية الأربعينيات وتحديداً عام 1948 في الذكري المئوية لوفاة القائد إبراهيم بن محمد علي باشا والي مصر السابق، ومؤسس مصر الحديثة، وقام بتصميم المسجد المهندس الإيطالي الأصل ماريو روسي الذي كان يشغل منصب كبير مهندسي الأوقاف، وأصبح القائم على أعمال القصور والمساجد في عهد الملك فؤاد الأول، وكان جدد مسجد المرسي أبو العباس قبل ذلك وهو واحد من أعظم المساجد بالإسكندرية.
ومع مرور الوقت وخاصة عام 2013 حدثت أشتباكات عنيفة أمام المسجد وخارجه مما دفع الجهات المسئولة تغلق المسجد حينها، وتم تدشين العديد من الصفحات التي تطالب بعودة الصلاة بالمسجد والتجمع فيه إلا أن الاوقاف دائما وأبداً ما تصرح أن المساجد لله وأن أي تجمع غير الصلاة بالمسجد غير مقبول.
ومع إقتراب الشهر الكريم تعود ذكريات صلاة التراويح بكثافة علي مواقع التواصل الإجتماعي مطالبين بعودة صلاة التراويح والتهجد بالمسجد العريق.
كان قد أعلن الشيخ حاتم فريد وهو أحد الأئمة السابقين للمسجد في تدوينة له عبر صفحته الرسمية علي موقع فيسبوك من فترة ” ساعات ويبدأ سباق المتقين شهر رمضان اللهم أجعلنا فيه من الفائزين، وسلامي الخاص لكل من التقيت بهم في القائد إبراهيم ولكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وإن شاء الله نلتقي علي الخير والبر دائماً” ، مما جعل العديد من رواد الفيسبوك يروون العديد من ذكرياتهم الخاصه مع صلاة التراويح ومنهم:
محمد نصر ” عن كمية الناس وهي خارجة بعد إنتهاء الصلاة ومافيش شبر فاضر في جميع الشوارع المحيطة، عن منظر الشباب والبنات اللي زي الورد، وعن الشجر والنخيل اللي ساكن والبحر اللي ساجد لكلام ربنا”.
وفي هذا الصدد أعلن الشيخ محمد العجمي وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية عن الخطة الدعوية التي أعدتها المديرية خلال شهر رمضان امبارك، مؤكداً على أن المساجد في شهر رمضان للعبادة فقط ولن يسمح لأي فصيل سياسياً أو حزبياً وذلك تنفيذاً لتوجيهات الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعه وزير الأوقاف بجعل المساجد في أبهي صورة ومعدة لإستقبال المصلين بما يليق بمكانة بيوت الله.
وأضاف العجمي “إن مديرية الأوقاف بالإسكندرية خصصت 203 مسجداً للإعتكاف، خلال شهر رمضان، وأن أئمة الأوقاف هم المشرفين عليها، وأكد أن الإعتكاف داخل الزوايا ممنوع وسف يتم إتخاذ الإجراءات القانونية مع المخالفين من خلال أجهزة المتابعة، وذلك بموجب الضبطية القضائية للمفتشين بالمساجد.
وأكد العجمي “أنه تم تخصيص 19 مسجداً لصلاة التراويح بجزء كامل ومن بينهم مسجد القائد إبراهيم بمحطة الرمل بقيادة الشيخ خالد السيد جمعه عامر والشيخ بركات سيد البخاري ، والذي ينفي أي أخبار تتردد عن منع صلاة التراويح والتهجد بمسجد القائد إبراهيم، وشدد العجمي مجدداً أنه لا مكان في مساجد الإسكندرية إلا لأبناء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف فهم أهل العلم والتخصص والوسطية السمحاء”.
وقد أثارت نشر مديرية الأوقاف لمحاذير وضوابط الصلاة والإعتكاف خلال شهر رمضان حفيظة بعض متابعي مواقع التواصل الإجتماعي حيث حذر الشيخ محمد العجمي من عدم وضع اي صناديق في المساجد لجمع التبرعات تحت أي مسمي سواء كانت زكاة فطر أو مال أو كفالة يتيم وغيرهم . كما وجه وكيل الأوقاف بعدم الإطالة في صلاة التراويح بجميع المساجد والزوايا وأن يلتزم الإمام بزمن خاطرة التراويح من 5 إلي 7 دقائق فقط وأن يكون الدعاء من الأدعية المأثورة.
وتضمنت قائمة المحاذير خلال شهر رمضان عدم إستغلال مكبرات الصوت الخارجية إلا عند الضرورة، أو وجود مصلين خارج المسجد، مؤكدين على وجود أجهزة تقوم بالتفتيش الدوري وبجولات ميدانية علي مدار 24 ساعة وإحالة المخالفين للتحقيق العاجل.
وجاء تعليق مصطفي محفوظ علي هذه المحاذير “أنا شايف تلغو شهر رمضان وتكروتونا يعني”، وعلقت نغم محمود عبر صفحتها متسائلة “علي أي أساس تم تحديد من 5 إلي 7 دقائق .. إزاي علي أساس أية واحدة في كل ركعة .. طيب فين بقي أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء”. كما طرحت سها محمود سؤالاً ” بتلغوا التبرعات والصناديق داخل المسجد ماشي كل واحد عارف بيتبرع لمين وصناديق النذور إللي كلها نصب واحتيال متلغيها !!!”، أما جلال عمر ” أنا حعمل لجوء ديني أن كده إضطهاد”.
ويستمر الجدل حول صلاة التراويح وأهميتها في شهر رمضان المبارك علي الصعيد الديني والروحاني بين الجائز والممنوع، فأئمة الأوقاف يرون أن المرحلة التي تمر بها البلاد حرجة ولابد من التشديد والرقابة حتي لا يستغل المسجد أي حزب أو فصيل سياسي، وبين جماهير تري أن متعة شهر رمضان في الصلاة والدعاء والراحة التي يشعرون بها وأن التقرب إلي الله لا يحتاج كل هذه المحاذير والضوابط.
وبين ذالك وذاك يأتي الشهر المبارك بنسماته أعادة الله علي مصرنا الغالية بشعبها الأمين بخير ويمن وبركات.
تحقيق : شيماء طه