شهدت الساحة الصحية العديد من الأحداث الهامة خلال الفترة الماضية.
أولها: انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء، والتي أجريت على مستوى النقابة العامة والنقابات الفرعية، وشهد اقبالا بنسبة 6.7% حسب بيانات لجنة الانتخابات، وهي نسبة ضئيلة.
شهدت الانتخابات تنافسا بين قائمة تيار الاستقلال والقوائم الموالية لها، بدعم من د. منى مينا وكيل النقابة العامة، وبين القوائم الأخرى و الأفراد المنافسين لتيار الاستقلال، والذين يرون ضرورة تحييد العمل النقابي عن الاتجاهات الأيديولوجية والتيارات مهما كان مسماها، وإمكانية تحقيق الأفضل للمهنة والطبيب والمريض والمنظومة الصحية بالموضوعية والتكامل مع القطاعات المختلفة، وليس بالاصطدام الدائم، ناهيك عن أسلوب عرض الرأي، فأخذ الحقوق حرفة، خاصة وأن الفترة السابقة شهدت تحييدا للنقابة العامة للأطباء من جانب القطاعات الحكومية، تمثلت في عدم حضور نقيب الأطباء لقاء رئيس مجلس الوزراء في أغسطس الماضي، حيث لم توجه له الدعوة حسب تصريحات د. إيهاب الطاهر لموقع لشروق، حيث قال: “عدم توجيه دعوة لنقابة من أكبر النقابات المهنية أمر مثير للدهشة ويحتاج إلى تفسير”، وتمثلت كذلك في اصدار قرارات ليست في صالح الطبيب، منها محاولات اصدار قرارات لضم أعضاء نقابة العلاج الطبيعي لاتحاد المهن الطبية، والسماح لغير الطبيب البشري بمواقع الإدارة العليا في المنشآت الصحية، وعدم حصول الأطباء على بدل العدوى رغم إصدار الأحكام القضائية المتعلقة بذلك، الأمر الذي يعزوه البعض لسياسة مجلس النقابة العامة، والتي ترتكز على وسائل الإعلام في إثارة الرأي العام دون تدقيق، ومنها على سبيل المثال تلك التصريحات التي صدرت عن وكيل النقابة د. منى مينا في وسائل الإعلام حول استخدام السرنجات الطبية عدة مرات بين المرضى، فرغم أن من سلطة النقابة استدعاء أعضائها للتحقيق معهم واحالتهم إلى المحكمة التأديبية في حال مخالفتهم للائحة آداب المهنة، أثير الموضوع في وسائل الإعلام، وهو الأمر الذي أنكرته قطاعات وزارة الصحة.
على كل حال، فازت قائمة الاستقلال بست مقاعد في انتخابات التجديد النصفي على مستوى النقابة العامة، أما على مستوى القطاعات، فاستطاعت القوائم الأخرى تحقيق مكسب طفيف بمقعدين، ليستمر تيار الاستقلال في رسم السياسة العامة للنقابة العامة. أما في الاسكندرية، ففازت قائمة مستقلون بمقاعد النقابة الفرعية بعدد 5 مقاعد، بينما حصلت قائمة تيار الاستقلال على مقعد واحد.
عزا البعض ضعف الإقبال في انتخابات نقابة الأطباء، إلى الإحباط العام، وتفتقد النقابة العامة للأطباء لبيانات دقيقة حول أعداد الأطباء غير العاملين في المهنة، وأعداد الأطباء العاملين في الخارج، وأعداد الأطباء العاملين في أماكن بعيدة عن مراكز الانتخابات، وهي بيانات هامة أرجو أن تعمل النقابة العامة للأطباء على استكمالها.
الحدث الثاني: عرض مشروع قانون التأمين الصحي الشامل على مجلس النواب لإقراره خلال الدورة الحالية، وقانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل حلم يراود المصريين.
وقد خضع مشروع القانون للعديد من الدراسات والمناقشات، شارك فيها منظمات المجتمع المدني، ويهدف القانون الى التغطية التأمينية الصحية لكل مواطن مصري، ويعتبر الاسرة هي الوحدة التأمينية.
وتكمن أهمية القانون ليس فقط في التغطية الصحية، وانما في مساهمته في اصلاح المنظومة الادارية الصحية، بالفصل بين جهة تقديم الخدمة وجهة التمويل، وانشاء هيئة للجودة تضع المعايير الموحدة لتقديم الخدمة الصحية في مختلف القطاعات.
مما لا شك فيه ظهور معوقات عند إصدار القانون، ولعل اهمها كيفية التمويل، وكيفية تحصيل الاشتراكات من العمالة غير المنتظمة أو تلك التي لا يظهر دخلها بصورة رسمية، وهي معوقات لها حلول عديدة، إذ من المتوقع ان يقتصر تطبيق القانون في مراحله الأولى على عدد من المحافظات كنموذج، لتدارك المعوقات التنفيذية، قبل إقراره ليشمل كافة محافظات الجمهورية.
نتمنى اصدار القانون في القريب العاجل… اذ انه يعتبر خطوة هامة لاصلاح منظومة الصحة في مصر… يعقبها الكثير من الخطوات اللازمة لاصلاح تشريعي شامل في هذا المجال.
الحدث الثالث: محاولات وزارة الصحة للعمل على تقدير أتعاب الأطباء وتكلفة الخدمة الصحية، وهو أمر هام بلا شك، وضروري، وجوهري، ولعل المشكلة الأساسية التي قد تواجهها الوزارة مدى دستورية وقانونية تلك القرارات، لذلك يجب على وزارة الصحة ألا تعمل بسياسة الجزر المنعزلة، وإنما يجب أن تجتمع مع المؤسسات ذات الصلة، كنقابة الأطباء والنقابات الفرعية، وغرفة مقدمي الخدمات الصحية، والجمعيات الطبية ذات الصلة، ومديري مديريات الشئون الصحية بالمحافظات، إذ تختلف تكلفة تقديم الخدمة الصحية من محافظة لأخرى، ومن تخصص لتخصص، وحتى تصدر القرارات متوافقة مع القانون وقابلة للتنفيذ.
ما زلنا في انتظار اصدار الوزارة للائحة التنفيذية لقانون الإعلانات الطبية، حيث صدر في 22 اغسطس الماضي، فهو خطوة هامة في استكمال اصلاح المنظومة الصحية، نتمنى غصدارها قريبا.
د. أحمد نزيه أبوراس
– عضو مجلس إدارة غرفة مقدمي الخدمات الصحية التابعة لاتحاد الصناعات
– عضو مجلس نقابة أطباء الإسكندرية
– عضو لجنة العمل ولجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصري
الاسكندرية في 26 اكتوبر 2017