الكابتن تيحا الله يرحمه كان مأجر بيت قديم فى الحضرة، كان عامله نادى، واللى ما يعرفش الكابتن تيحا، كان راجل طيب جداً، وعاشق للرياضة، مع إن شكله كان لا يوحى بأى طيبة مطلقاً، كان مكشّر على طول، وبيقول لنا إنه كان بطل كمال أجسام سابق، وبيحب دايما يلبس نص كم عشان يبين العضلات، ويستعرض المجانص. كان عنده دكان خردوات صغير فى شارع الجواهر بيبيع فيه كل حاجة، طبعاً أهمها السجاير الفرط، كانوا لسه ما اخترعوش كلمة سوبر ماركت، والحق يتقال إحنا كنا بنخاف نهوب ناحية الدكان من منظر الكابتن تيحا، مع إن عمره ما مد إيده على حد، بس لما كنت تشترى منه حاجة، وتحب ترجعها، يبرق لك بس، ما يردش عليك، إنت من نفسك تاخدها من قصيرها وتفلسع من قدامه.
كابتن تيحا بقى كان فاتح النادى ده عشان يتسلى فيه، معرفش ليه كان بيفكرنى بالساحات الشعبية اللى أنشأها زمان عبد الناصر العظيم فى كل مراكز الأرياف، ومش باقى منها دلوقتى غير خرابات متحوطة بأسوار متهدمة وجدران واقعة، ومفيش فيها عود واحد أخضر، والنادى عبارة عن دور أرضى أشبه بالبدروم تنزل له بسلمة مكسورة، محطوط فيه ترابيزة مفروض إنها ترابيزة بينج بونج، الحقيقة الترابيزة مالهاش علاقة لا بالبينج ولا بالبونج، عمرك شوفت ترابيزة لها 3 رجلين ونص؟، أيوه 3 رجلين مخلعين، والرجل الرابعة مكسور نصها، والكابتن تيحا موقفها على حيلها على 3 قوالب طوب، أما الشبكة بقى فكانت لا حول الله ناحية أعلى من ناحية، وفيها بتاع مليون خرم، حاول الكابتن تيحا إنه يخيط كام واحد منهم بدوبارة، وبعدين زهق وساب الباقى، وقال لنا اللى يلعب بقى يبقى ياخد باله، والشبكة كانت مرخيّة ونايمة على الترابيزة زى الراجل العيان اللى نايم يا ولداه جنب مراته لا حركة ولا حراك، أما بقى بالنسبة للكور، كانت كورة واحدة ومطبقة من ناحية، وكان فيه بلاعة مفتوحة أخر الصالة كانت الكورة تقع فيها، يقوم اللعيب اللى ضرب الكورة هوّ اللى يوطى يجيبها من البلاعة ويمسحها بحتة قماشة، كانت بتوسخها أكثر.
ده بالنسبة للكورة، أما بقى المضارب دى كانت حدوتة، كابتن تيحا كان مأيف جوز مضارب راكيت عفا عليهم الزمن، وعاملهم مضارب بينج، ياما قولت له يا كابتن طيب لو مش عايز تشترى لنا مضربين، على الأقل خللى النجار ينعم المضارب بالفارة والصنفرة، إحنا إيدينا اتهرت من كتر السفا الخشب اللى دخل فيها، كان رده دايماً بلاش خيبة أصلكم خنافس مش رجالة، لازم لعيب البينج تكون إيده خشنة عشان المضرب ما يتزفلطش منها، منطق برضو.
نطلع بقى للدور الفوقانى، كابتن تيحا كان مجهزه على إنه (شامنوسيوم) على حد تعبيره، والشامنوسيوم بتاع الكابتن كان عبارة عن 4 دكك خشب صناديق مسوس، لو قطة عدت على واحدة فيهم حتتطربق بيها، مفروش على كل واحدة كليم، اتحدى أعظم خبير ألوان يقوللى لونه إيه، بس الحق يقال اللون الرمادى أو بمعنى أدق الترابى هو اللى كان غالب، ويبدو إنه من تأثير عوامل الزمن، ورا كل دكه كان فيه ما يقال عنه زوراً وبهتانا (ستاند)، عبارة عن عمودين مايليين مفروض إنهم متوازيين ومتصلين ببعض، وبيركب بينهم العمود اللى فيه الحديد بتاع التدريب، لكن كابتن تيحا كان عامل تعديل بسيط عشان بس المطرح مش مساعى، ده طبعا تفسيره هو مش تفسيرى، كان بالتقريب كده بيحط العمودين قصاد بعض ويظبط الأمور بيحيث يحط قضيب الحديد اللى شايل الأحمال بينهم ويثبته وينبه على الكباتن اللعيبة تاخد بالها عشان الحديد ما يقعش على حد، طبعاً مفيش أسبوع كان بيعدى إلا لما تتمرجح عواميد الاستاند والقضيب الحديد يسيب من ناحية، وتلاقى طارة الحديد مخيشة فى حد، يا تخرشم وشه، يا تجيب له على الاقل صوبع، وطبعاً الكابتن تيحا بقى ييجى على الدوشة ويقول: أنا مش منبه عليكم يا كباتن ماحدش يرزع الحديد وهو بيحطه؟، أستغفر الله العظيم يارب، حاجة تحرق الدم.
قدام الدكك بقى كان الكابتن حاطط مرايتين مغبرين ومقطشوين من الجانب، ولازم تخللى بالك ما تحكش فيهم لأن سيفهم حامى، وإنت عريان، يعنى فيها خربوش محترم لو هوبت منهم، كان الكباتن بقى يقفوا قدام المرايات يدوها بوظات بنت كلب، تلاقى الواحد فيهم مكشر وكازز على سنانه، كانه متغدى بعيل صغير وثانى دراعه، وباظظ منه كلكيعة شكلها بشع، ومعجب قوى بنفسه فى المرايا، وضارب لك إزازة زيت عربيات على جسمه، وبيلمع زى العربية اللى لسه واخده وش دوكو وورنيش.
أنا بقى كنت غاوى أروح اتفرج على الكباتن وهم بيشيلوا حديد، خصوصاً كابتن روءا، كابتن روءا كان حدوته، كان شغال صرباتى، واللى ما يعرفش صرباتى يعنى أيه، اللى بينزح البكابورتات، واللى ما يعرفش بكابورتات يعنى إيه، التواليتات ولا مؤاخذة.
كابتن روءا كان مكتنع (وليس مقتنع) باهمية المجانص، وكان لما يحب يبين نفسه إنه فاهم لغات، يقول عليها (الترابيس)، نسبة إلى عضلة الترابيزيوس، والمصيبة إن كابتن روءا كان فاهم معناها حرفياً على أساس إنها لا مؤاخذه، على حد تعبيرة دى العضلة اللى تحتبر (وليسا تعتبر) الترابيس اللى بتقفل على الضلوع، اللى لولاها كانت الضلوع اتفرطت من كتر دخول وخروج النفس من جسم البنى آدم، المهم إن كابتن روءا كان مهتم زيادة بالترابيس وخصوصاً الترابيس اليمين، وكان مطنش الشمال خالص، شغال سخونة فى تدريب اليمين وسايب الشمال، وكان الكابتن تيحا، والشهادة لله إنه كان (مسكف، وليس مثقف) رياضياً، كان دايماً بيقوله العب شوية شمال ح تتعوج أكتر ما انت معووج يا حمار، لكن كابتن رؤءا ما كانش مقتنع بالكلام الفارغ ده، وكان دايماً مؤمن بإن جتة البنى آدم منفدة على بعضها، وإن الخير ح يعم لا مؤاخذه على الكل، وكل حتة فى الجتة ح تاخد نصيبها من التمرين.
المصيبة إن كابتن روءا لما كان بيروح بعد التمرين، كان برضو بيكمل فى البيت غلط، كان لضيق ذات اليد متصرف فى حدود إمكانياته، جايب عصاية غليّه ومعلق فيها كوزين أسمنت على رأى عادل إمام، ونظراً لأنه مالقاش كوزين من نفس المقاس، حط صفيحة سمنة سلطان فى الناحية اليمين من العصايا، وفى الناحية الشمال حط علبة زيت زيتون فاضية لاقاها فى مقلب زبالة. طبعاً بقى الوزن فى الناحية اليمين تقريبا ضعف الناحية الشمال، بس كابتن روءا ما بتفرقش معاه الحاجات البيسطة دى، لأنه مقتنع بنظرية الخير بيعم على الكل.
الل زاد بقى وغطى إن الكابتن روءا كان بيلعب فى الشباك عشان البت نونة جارتهم تشوفه، وطبعاً مادام كابتن روءا يتبع تصنيفياً بيسو مجانص، يبقى لازم يتقمص شخصية البيسو حتى فى اللعب، يعنى باختصار لازم يعوج نفسه وهو بيلعب، يلعب على جنب عشان يبان جنتل قدام نونة. وكانت النهاية الماساوية لبيسو مجانص الشهير بكابتن روءا، بعد 3 سنين شيل حديد بقى يمشى يا ولداه معووج، وعنده جنب أعلى من جنب، وجاله غضروف فى رقبته عوج جسمه أكتر، بقى شبه التاكسى اللى خيش فى الجزيرة اللى فى النص، وصاحبه سايقه لحد السمكرى.
النوع ده من البيسو ما بيختلفش كتير عن كتير من البيساوات اللى ماسكين مناصب فى البلد دلوقتى وواخدنها بالدراع.
د.قدرى نوار
القشاش