امرأة خارج الصندوق، وأفكارها خارج التوقعات .. خصوبة فكرها تدلل على أن المرأة المصرية لا تعييها قلة الموارد، ولا تستوقفها المصاعب.
أميرة مجاهد .. أصغر مديرة لقصر ثقافة الشاطبي بالإسكندرية .. مُلهِمة مصريه فوق مستوى الإبداع.
كيف نشأت أميرة مجاهد؟ من أثراها فكرياً؟ وكيف خطوتي خطواتك الأولي في الحياه؟
– نشأتُ بأسرة متحابة، تولت والدتي مهمة تربيتنا وتقويمنا، وشجعتنا على الثقافة والقراءة والاطلاع، وخصصت لنا مجموعة برامج لمشاهدتها بالتلفزيون دون غيرها، وكانت صارمة.
أما والدي فعلمني الطموح في الحياة والعمل والخروج عن الأفكار التقليدية وملل الروتين، ومنحني الثقة التي أكسبتني ثقتي بنفسي، وجعلني أتولى إدارة مشروع مركز تعليمي كان قد أقامه، فتعلمت القيادة والمسؤولية منذ صغري، وكنتُ رفيقة له، إضافة إلى تربيتي الأزهرية التي بالرغم من صعوبتها، إلا أنها اثقلت موهبتي وأثرتني دينياً وجعلتني مختلفة في أفكاري دائماً.
حصرك تعليمك الأزهري بدراسة اللغة العربية، فكيف تعاملت مع دراستك التي لم تتوافق مع اهتماماتك؟
– في البداية شعرت بالإحباط ثم ما لبثت أن حولت إحباطي لنجاح في المركز التعليمي، فكتبت مذكرات لتسهيل المواد على الطلبة، وعملت كمدرسة لغة عربية بالمركز، ونجحت بشدة واكتسبت حب الطلبة واحترامهم بالرغم من صغر سني.
كيف كانت البداية مع قصور الثقافة؟
– في البدايه عملت بقصر التذوق بسيدي جابر، وكان مديره الفنان التشكيلي ماهر جرجس، وطلب مني التجول في القصر واستكشاف الأقسام، وكان يميل إلى أن يعمل كل شخص فيما يبدع فيه، فاخترت القسم الثقافي، وتدرجت حتي أصبحت رئيس القسم الثقافي بصالون التذوق الفني.
للانطلاق النجاح بداية .. فمتي بدأت انطلاقتك؟
– بدأت بعد ثورة ٢٥ يناير .. شعرت بالمسؤوليه والرغبة في التغيير التي شعر بها جموع المصريين، فأسست صالون للتذوق الفني، استقطبت به كوادر شبابية من الخريجين وشباب الجامعات، وعملنا تحت عباءة العمل التطوعي، ولاقى الصالون استحساناً في الأروقة الثقافية السكندرية، وجلب الشباب الذي لم يكن يهتم بقصور الثقافة.
خلق هذا الصالون نوع جديد من الجمهور للقصور، وأثرى هؤلاء الشباب الفكرة بدعمهم وعملهم تحت اسم وزارة الثقافة، واستخدمنا السوشيال ميديا للدعاية وأقمنا ندوات مختلفة ومميزة.
إسكندرية تقرأ .. هو عنوان مهم في حياة أميرة مجاهد .. كيف بدأت الفكرة ومن ساهم في إخصابها ونجاحها؟
– الشباب هو الداعم الأول لفكرة إسكندرية تقرأ، وساعدني الكثيرين، منهم دور النشر ومكتبة الإسكندرية، وتوجهت بالدعوة لمحافظ الإسكندرية الذي ثمن الفكرة، ورئيس هيئة قصور الثقافة الأستاذ مسعود شومان، وأقمنا حفل افتتاح وحفل ختام، واستمرت الفعاليات لمدة ستة أيام، شارك خلالها الكاتب محفوظ عبد الرحمن، والأستاذة هالة فهمي، في فعاليات المهرجان وقامت دور النشر بتخفيضات وصلت إلى٥٠٪ على أسعار الكتب، وكانت تجربة ثرية وناجحة.
وساهمت وزارة التربية والتعليم متمثله في مدير عام إدارة وسط التعليمية، الأستاذة آمال عبد الظاهر، ومدير عام إدارة الجمرك، في إمدادنا بالجمهور المستهدف من سن ١١وحتى ١٦سنة.
للشباب دور فاعل في المجتمع .. كيف تمكنتي من تسخير طاقاته والنجاح بهم؟
– الشباب يلتف حول كل شئ هادف، وأنا أؤيد فكرة التدريب قبل الخروج للحياة العملية، كل ما فعلته أنني وجهت اهتمامهم لهدف معين، ووزعت المهام عليهم، فنجحنا نجاح مبهر، واهتممت بالأنشطة التي تعنيهم، مثل إقامة مقهى ثقافي نتناقش فيه بأمور الثقافة والسياسة والفن والأدب.
ألسن الغيرة، ووجود من يسبقك سناً، لم يقف عائقاً أمام توليكِ زمام الأمور بقصر ثقافة الشاطبي .. كيف تم ترشيحك؟ وما هي الأنشطة التي قمتي بها في القصر؟
– النجاح الذي خلفه صالون التذوق ومهرجان إسكندرية تقرأ، لفت أنظار المسؤولين أمثال الأستاذ محمود طرية، بوجود شخصية شابة قادرة على القيادة، وأكثر ما كان يقلقني هى أمور الإدارة التي لم أمارسها سلفاً، بعكس الإبداع، ولكني اجتزت هذا بمساعدته هو والأستاذ محمود ناصف، وحرصت على الابتكار والخروج من الرتابة والأفكار التقليدية، فعملت ورشة تصنيع لعروسة خيال الظل بأيدي أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وإقامة العرض بهم أيضاً، وقد واجهتني تحديات كثيرة في الفكرة، منها صعوبة التعامل مع هؤلاء الأطفال وتحويلهم من مقاعد المتفرجين إلى دور الفاعلين ولأيادي مبدعة قادرة على تحقيق إنجاز.
وكان ضمن التحديات هى التمويل المادي، الذي لم يكن متوفراً، وواجهت هذه المشكلة باستخدام كل مبدع في القصر في المجال الذي يبدع فيه، وتغلبت على أزمة اعتيادهم للعمل الروتيني بالاستعانه بالشباب المتطوع، الذي ألهب حماس الموظفين، لإخراج طاقاتهم التي اتحدت مع طاقة الشباب المبدعة، وأخرجت صورة عظيمة للنجاح.
ولاقت التجربة رواجاً في القنوات الفضائية، وقمت بعمل ورشة عود مجانية بالاستعانة بالملحن محمد شحاتة، مما أثرى النشاط بالقصر، وجلب له جمهور مختلف.
لكل نجاح أعداء ومحبطين ومنتقدين .. كيف تعاملتي معهم؟
– في بلداية عملي بالقصر، رفض البعض فكرة وجودي لصغر سني، وما لبث أن تغيرت الفكرة، وتكاتف معي الجميع بعد نجاح القصر.
أما أعداء النجاح، فقد تعلمت بعد مرور الأيام أن أهذب انفعالاتي، وأمضي في طريقي، ولا أبدد طاقتي فيما لا يستحق.
أما الاحباط ووالقيادات المحبطة، فقد كنت ألجأ خلال فترة تواجدهم لأنشطة أخرى، ونجحت أيضاً بها، مثل صناعة الإكسسوارات، والتي لاقت قبولاً لدى الإخوة العرب، واستطعت أن أعرضها بمعرض بولاية بنسلفانيا الأمريكية، ولاقت قبولاً واسعاً لأنها يدوية وعكست ذوقي المصري الخالص.
من الصعب أن نترك الأماكن التي حققنا بها نجاحاتنا .. فما الذي دفعك للتخلي عن إدارة قصر الشاطبي بعد أن تم التجديد لك؟
– الأمومة هى الدافع الأول والرئيسي، فقد حققت نجاحاً في الإدارة وفي العمل، ووجدت أن ابني بسن يستدعي شئ من التفرغ، وموجبات الإدارة ليست بسيطة، إضافة إلى أنني أؤمن بأني من أُكسب للكرسي القيمة، وليس العكس، فآثرت أن أحقق نجاحاً أسرياً، لا يقل أهمية عن النجاح العملي بل يزيد.
تكثر الإحباطات التي تقيد وتحد من نجاحات المرأة .. فما هى نصيحتك للفتيات لإقامة نجاحاتهن اللاتي تحلمن بها؟
– الإرادة والرغبة الملحة في التميز، هما مفتاح النجاح، علاوة على الصبر والتيقن بأن النجاح لا يأتي بين عشية وضحاها، والحفاظ على الخيط الرفيع الذي يفصل بين الانفتاح والتسيب.