يوسف العوال يكتب: ثقافة الأسماء في مصر 

 

 

منذ أن أعلن الله لملائكتهِ أنه – سبحانه – جاعلٌ (آدم) خليفة في الأرض، فقد ميزه بأن علمه (الأسماء) كلها قبل أن تعلمها الملائكة، ويُـعرف الاسم في اللغة على أنه ما دلّ على معنًى في نفسه غير مقترن بزمن، واسم الشخص هو أحد الأشياء التي يتميز بها عن غيره من أقرانه البشر.

 

تطورات تاريخية:

 

تلقي التغييرات المختلفة – سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وحتى عسكريا – بظلالها على تسمية الأبناء ذكوراً وإناثا، واتضح ذلك جليا منذ التغيير السياسي في مصر عام 1952م، ومن ثم الإطاحة بالنظام الملكي عام 1953م، وتولي الرئيس جمال عبدالناصر مقاليد الحكم في مصر في العام الذي تلاه 1954م.

 

مثلت فترة حكم عبدالناصر (1954-1970) حالة فريدة آنذاك، وتمتع الرجل بشعبية جارفة في الشارع، وشاع بين مواليد تلك المدة وربما لبعدها بعدة سنوات اسم (جمال) و (عبدالناصر)، كما كانت انتشرت أسماء (أبناء الرئيس) بين مواليد تلك الفترة (عبدالحكيم، خالد، منى، هدى، وبشكل أقل عبدالحميد).

 

في فترات الحروب التي خاضتها مصر انتشرت أسماء بعينها، فانتشر بين مواليد 1956م وما تلاها عقب العدوان الثلاثي على مصر، وبعد فترة حرب أكتوبر 1973م موجة أخرى من الأسماء مشتقة من فعل النصر، فسادت أسماء مثل (منتصر، انتصار، نصر، نصرة….)، أما على أعقاب النكسة التي تعرضت لها الدول العربية في 5 يونيو 1967م فقد ظهرت موجة أخرى من الأسماء بين مواليد تلك الفترة، وكان الحرب أصلها فانتشرت أسماء مثل (حرب، حربي، حربية…).

 

في أواخر عام 1981م وصل الرئيس حسني مبارك إلى الحكم في البلاد، وخلال حقبة حكمه التي امتدت لثلاثين عام كثر ظهور أسماء عائلة الرئيس بين بعض مواليد تلك الفترة (علاء وجمال)، وربما لم تكن تلك الموجة من الأسماء واضحة نتيجة لطول حكم مبارك والتي امتلأت بتغييرات مختلفة على جميع الأصعدة.

 

ومع التغييرات الاقتصادية وطفرة النفط وهجرات المصريين للعمل في الخليج وليبيا منذ سبعينات القرن الماضي، ظهرت ألقابا للعائدين من تلك البلاد مثل (الليبي، سعودي، السعودي….)، كما ظهرت موجة من الأسماء لأبناء تلك الفئة فظهر اسم (صدام) بين مواليد الثمانينات وبداية التسعينات تيمنا بالرئيس العراقي السابق (صدام حسين)، وظهر اسم (القذافي) اتباعا لاسم العقيد الليبي (معمر القذافي)، وغير ذلك من الأسماء.

 

متغيرات مختلفة:

 

الرياضة لها مفعول السحر على الشعوب، وكانت حاضرة في ظهور موجات معينة من الأسماء فمثلا في الأرجنتين انتشر اسم ميسي بشكل هائل، وفي مصر ظهرت حالة اللاعب محمد صلاح منذ احترافه في الدوريات الأوروبية صيف 2012، فحذا حذوه الكثيرون الذين أطلقوا أسماء بنات اللاعب على أسماء بناتهم (مكة وكيان).

 

في بلادنا أيضا تنتشر التسمية على (اسم والد ووالدة الأب) بشكل كبير، وغالبا ما يأخذ هذه الأسماء أول الأولاد أو آخرهم، كما ينتشر (اسم محمد وأحمد) لكن في الغالب ما يتم مناداتهم بأسماء الآباء أو الأجداد أو العائلة تمييزا لهم بسبب انتشار الاسمين انتشارا هائلا.

 

أما في الأماكن التي دُفن فيها الصالحون من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، فغالبا ما ينتشر اسم ذلك الشخص الصالح في تلك المنطقة، فمثلا في قنا يكثر اسم (عبدالرحيم) تيمنا بالشيخ (عبدالرحيم القنائي)، وفي البحر الأحمر يكثر اسم (الشاذلي) حبا في الشيخ (أبو الحسن الشاذلي) المدفون في جنوب تلك المحافظة، وحدث ولا حرج عن أمثلة مثل تلك.

التعليقات متوقفه