قراءة في كتاب «سادة العالم الجدد» للدكتور جان زيغلر، عالم الاجتماع، والمفوض السامي السابق للأمم المتحدة في برنامج «الحق في الغذاء».
نحن أمام مجاعة مفتعلة في العالم الثالث…!
تعريف الجوع:
الجوع نوعان .. أولاً، الجوع الهيكلي:
وهو نتيجة لأمهات غير قادرة علي الرضاعة .. أمهات جوعى وبالتالي لا يمكنها إرضاع الصغير.
ويحدث هذا بفعل الإفقار، والنهب المنظم للمواد الأولية والخام من هذه الدول لصالح السادة الجدد، وتواطؤ حكام هذه الدول مع السادة، ومصالحهم المشتركة .. والاستغلال المكثف للعمالة بدون عائد.
ثانياً، الجوع المؤقت:
وهو نتيجة الحروب، أو الكوارث الطبيعية.
وهذا ما يتم حالياً في اليمن .. وشمال كينيا .. والصومال .. والعراق .. وسوريا .. وليبيا.
– كل خمس ثواني يموت طفل بفضل الجوع في العالم الثالث!
– نصف مليون طفل عراقي ماتوا من الجوع نتيجة الحصار الأمريكي الأوربي، في نهاية القرن الماضي! وهذه جريمة في حق العراق، وجريمة ضد الإنسانية .. وللأسف شاركت الأمم المتحدة في هذه الجريمة!، وهي لا تسقط بالتقادم.
مثال آخر: غزة…
– تم قصف مطحن الغلال الوحيد في غزة وتدميره .. فتتبقت الندرة لصالح الربح!
– تحويل مسارات المياه الجوفية الصالحة للشرب ومنعها من الوصول للغزاويين الفلسطينيين، وتم ذلك عن طريق حفر 40 بئر ارتوازي حول غزة لشفط مخزون المياه الجوفية وتحويل مساراتها الي الاحتلال، وهي الوسيلة الوحيده للشرب .. وهنا خلق الندرة والعوز، كوسيلة أخرى للربح علي حساب 2 مليون فلسطيني وهذه جريمة كبرى، وشارك في هذا النظام المصري بحصار القطاع!
وكانت هذه مكافأة لشرطي الغرب، وحامي مصالحه في الشرق الأوسط .. الكيان الصهيوني .. والمحافظة والإبقاء على هذه الممالك العربية، والمحافظة على كراسيهم بـ 5 مليارات، فتكفلت أمريكا مخابراتياً بالمنطقة وأجهضت
كل أشكال الاحتجاج الديمقراطي، وتمكنت من المحافظة على الأنظمة الدائرة في فلك السادة الجدد، والمحافظة على مصالحهم، لجني مزيد من الأرباح، علي حساب الفقراء.
وتجويعهم المصطنع لـ 50 مليون شخص، مهددون بالموت جوعاً في اليمن، والصومال، وكينيا .. وهذه وصمة في جبين البشرية!!!
– مليار شخص، في حالة مجاعة، أغلبهم في أمريكا الجنوبية وإفريقيا .. أي في بلاد العالم الثالث .. وهذا بفعل السادة الجدد .. بفعل كل أشكال النهب المنظم!
والمستغرب .. ويدعو للعجب … أن إنتاج الغذاء يكفي ويزيد لضعف البشر، أي أكثر من 12 مليار شخص .. لكن، هناك من السادة، من يدمرون هذا الإنتاج للاحتفاظ بالسعر العالي، والربح المرتفع، وعدم تدهوره .. ويستخدم للضغط السياسي علي الشعوب أو الحكام المارقين، المعارضين للسادة الجدد!
علي سبيل المثال .. 38 % من محصول الذرة في أمريكا يُحرق ليتحول إلى وقود حيوي! أي الطاقة النباتية، وهذا يمثل ثلث الإنتاج العالمي من محصول الذرة .. وهذا بإرادة البشر!
ويحدث هذا، لتشغيل المجمع الصناعي العملاق، علي حساب تجويع البشر! برغم وجود البديل الصخري! لكن هذا موظف سياسياً أيضاً.
«لصنع 50 لتر من وقود السيارة .. نحتاج 358 كيلو جرام من الذرة» … وهذا يدعو إلى الأسى!!!
كذلك يُستخرج الوقود من قصب السكر وزيت النخيل.
في أفريقيا الوسطى، طردوا الفلاحين وأخدوا الأرض بمساعدة السلطة المحلية، والفساد المستشري، وذلك لإنتاج
الوقود الحيوي، على حساب تجويع البشر بشكل متعمد!
بفعل هذا الاستغلال المنظم والمكثف من الشركات عابرة القارات، ومتعددة الجنسيات…
وبفعل الإفقار المنظم والتجويع بالاستحواز على الثروة والسلطة…
وبفعل القيم الرأسمالية وبخلق طلبات تولد أرباحاً…
تم تركيز الثروة في يد عدد قليل من البشر علي حساب البشرية!
– يمتلك تقريباً 85 % من الناتج القومي العالمي حوالي 1200 شخص أو عائلة، في ظل حرمان جموع البشر (6 مليار إنسان)، بل وموت أعداد كبيرة، بفعل هذا الإفقار والتجويع الممنهج، لصالح التوحش الرأسمالي!
هذا السرد، هو أقل القليل مما ذكر الدكتور جان زيغلر .. وهذا بأمانة شديدة، بل مقلة .. لأن ما ذكره مرعب ومخيف، ويملك معلومات وأرقام مهمة .. لابد من الاطلاع عليها.