عادل حراز يكتب : على طبلية الحاجه

تعالوا نعمل غِِدّيوه … جملة كانت نرددها في الزمن الجميل علي الاقل كل اسبوع مرة بين الجيران وبعضها او بين الصحاب وبعضها سواء كانوا شبابا او شيوخا او بنات او ستات بيوت .
ولو نظرت بعين الرحمه والا نسانية لوجدت ان تلك الجمله هي ترجمة حقيقية للتكافل الاجتماعى المصرى العظيم .
يعنى ايه تعالوا نعمل غديوه …؟؟
يعنى كل واحد يجيب الموجود عنده في البيت من الاكل حتى لو كان عيش حاف وشوية ( دقه ) ملح وكمون وشطه هو الغرض منه المشاركه الاجتماعيه , اللي عنده لحمه واللي عنده فراخ واللي عنده شوية طبيخ واللي عنده حتة جبنه قريش او شوية مش او طبق بصاره او طبق خبيزه , الجميل في الموضوع ان كل واحد جايب حاجه بتبقي متغطيه بمديل محلاوى او ورقة جرنال او غطاء حله صغير يعنى محدش بيعرف مين جايب ايه !!
وكل الاطباق توضع علي حصيره او طبليه ويجلس الجميع وبسم الله الرحمن الرحيم وكل واحد يمد ايده في اى طبق يعجبه , تقدر تقول بإختصار ده بوفيه مفتوح علي طريقة اخونا بتوع كريمة المجتمع … بس دية نقدر نسميها طبليه مفتوحه او قعد علي الحصيره,.
أجمل ما يميز هذا البوفيه الشعبى المفتوح هو انه ما فيهوش حد مسروع ولا مفجوع !!
خد بالك من حكاية مسروع ولا مفجوع دية !!!!!
يعنى ما ينفعش ام الباتعه تاخد طبق وتروح معبيه فيه من كل صنف ويبقي الطبق لا مؤاخذه ( مطرطر لفوق بإرتفاع عشرين سم !!) زى ما بيحصل وبنشاهد في البوفيهات المفتوحه الراقيه تلاقي بعض الباشاوات والهوانم من محدثى النعمه ومن اغنياء عصر الانفشاخ تنسى نفسها او ينسى نفسه ويفضل يعبى في ام الطبق كأنه داخل علي مجاعه في الصومال وفيه منهم بيفك حزامه علشان الكرش يستوعب
!!! وبيفك حزامه اقوى من بيفقد اعصابه لانه في اللحظة دية بالذات بيبقي بيفكر في توسيع خرم حزام البنطلون خرمين زياده !! علشان يعبى البرميل !
نرجع مرجعونا للغديوه تلاقي هؤلاء البسطاء الفقراء كل واحد بياكل اللي يكفيه مش بيشيل في طبق ويخلع علي ترابيزته هنا تقدر تحط خط تحت التصرف هنا وهناك وتكتب فوق الخط ( القناعه كنز لا يفنى )
إنتهى زمن الغديوه واللمه الحلوه ونجح الاستعمار في ان يجعلنا كلنا ناكل في كنتاكيى وبيتزا هت وغيره علي طريقة التيك اوى .
حتى في محلات الفول والطعميه الشعبيه , تلاقي كل واحد واقف وعاطى ظهره للتانى وعمال يضرب سندوتشات مع نفسه . كل واحد حسب امكانياته الماديه وقدراته في فرض عضلات دولارته !!
فتلاقى الشيخ ميمى دقنه نص متر ووقف يضرب ساندوتش من عند مؤمن !!!!
طبعا اقل ساندوتش عند مؤمن ب 25 جنيه وعلي بعد نص متر من رصيف محل مؤمن تجلس ست تبيع مناديل المنديل بجنيه ! فيخرج مولانا بعد ان دفع الحساب 100 جنيه بمفرده وهو بيمسح بقايا فتافيت اللحوم من علي ذقنه الميمونه بالمنديل المعطر فينظر الي تلك السيدة التى تترجاه لاخذ منديل بجنيه بعين الاستغراب ويرميها بسهم الغناء الفاحش ويركب سيارته ويشغل القرآن الكريم ويتجه لصلاة العشاء وهو جالس علي الكرسى في المسجد لانه كرشه تضخم ولا يساعده علي الركوع والسجود !!
اما في البوفيهات المفتوحه فإن بواقي الباقي الموجود في اطباق الجشع يكفي سكان غلابة في حاره سد لمدة اسبوع !,
تعالوا نعمل غديوه جملة مصريه فلكلوريه جميله تتلخص في ماتجرحش غيرك ولو قولناها بالشعر ووالفلسفه حتبقي حكمه :
(زى ما حابب يطلع بكره يفرد شمسه وضله عليك / حب لغيرك نفس الفكره تبقي الدنيا أمان حواليك !!!)
تعالوا نعمل غديوه ..هي مفتاح الامن والامان .