رواية ملاك في الجحيم لـ«ياسمين علام» .. الفصل الثاني

0
رواية ملاك في الجحيم – بقلم يا سمين علام
الفصل الثاني

نظرت رحمه إلي الفرع البني، وذهبت مسرعة إليه، ولكن سرعان ما شعرت بالصدمة، عندما رأت أن أسوار المنزل الأسود تحيط بالفرع البني .. توقفت رحمه .. وأخذت تفكر جيداً، ماذا تفعل .. هل تعود إلي منزلها وتستمع إلى كلام والدها بعدم الاقتراب من المنزل؟ أم تقترب وتدخل إلى أسواره وتحصل علي الشال؟ … أخذت تفكر جيداً، ولكن وفاءها لوالدتها هو الذي انتصر في النهاية .. فقررت أن تدخل إلى المنزل، وتحصل علي الشال، وتهرب منه سريعاً.

انطلقت إلى البواب الخاص بالمنزل الأسود وقلبها يكاد يقف من الخوف.

رحمه: لو سمحت أنا عايزة أدخل أجيب الشال بتاعي.
الحارس: هو فين؟
رحمه وهي ترفع يدها تجاه الغصن البني: اهو .. موجود علي الشجرة دي.
الحارس: ثواني، أجيب سلم واجيبهولك.

دخل الحارس إلى المنزل ليحضر سلم، ولكنه تأخر كثيراً .. فشعرت رحمه بالخوف يتملكها، فقررت أن تدخل إلى ذلك المنزل، وتركت الكيس الذي يحتوي علي البذور علي الأرض، وقامت بتسلق الشجرة كي تحصل على الشال.

في ذلك الوقت دخل شاب يسكن في المنزل … رأى تلك الفتاه وهي تجلس علي إحدى الفروع وتمسك بيدها الشال.

الشاب: انتي إيه اللي جابك هنا؟ وإيه إللي مطلعك فوق؟!
رحمه: جيت أجيب الشال بتاعي … الهوا جابه هنا.
الشاب: استني أساعدك تنزلي.
رحمه: لا شكراً .. أنا هنزل لوحدي.
الشاب: مش هتعرفي .. استني أساعدك.

نظرت رحمه حولها تحاول أن تجد طريق يساعدها للنزول، ولكنها فشلت فاستسلمت لعرض الشاب.

وبالفعل ساعد الشاب رحمه علي النزول من الشجرة، ومعها الشال، وهنا حضر الحارس ومعه السلم.

رحمه: شكراً لحضرتك، معلشي دخلت البيت، كنت عايزة الشال والحارس اتأخر.
الشاب: مفيش أي مشكلة.
رحمه: طب أستأذن بقي.

توجهت رحمه إلى الباب .. ولكن سرعان ما سمعت نداءات ذلك الشاب.
الشاب: لو سمحتي…

التفتت لتري الشاب ممسكا بيده كيس البذور، ولكن الكيس قد انقطع فكانت البذور تسقط علي الأرض.

الشاب: هو الكيس دا بتاعك؟
رحمه: اه.

في تلك الأثناء رأت رحمه نظرات غريبة لامرأه تقف خلف ستائر شفافة .. وكأن الستائر لم تمنع اختراق تلك النظرات .. وكأنها كالسهام القاتلة!

صُعقت رحمه من تلك النظرات، ومن تلك المرأة، وشعرت بالخوف الشديد.
أشاحت رحمه بوجهها عن تلك النظرات.

الشاب: يا خبر الكيس اتقطع .. أنا هروح أجيب كيس تاني.

انصرف الشاب لإحضار حقيبه أخرى لتجميع البذور .. وبينما رحمه ظلت تجمع البذور التي وقعت علي الأرض، وقلبها من الخوف يكاد يخرج من قفصه، فظلت تنظر للبذور ولا تحاول أن ترفع رأسها فتري تلك النظرات.

حضر الشاب ومعه حقيبة بلاستيكية .. وأعطاها لرحمه .. وانحني ليجمع البذور…

الشاب: انتي اسمك إيه؟

رحمه ولم تشعر بالحوار الدائر بينها وبين الشاب، فقد تناست أمر المنزل وأمر المرأة: اسمي رحمه.
الشاب: أنا طارق.
رحمه: أهلاً أستاذ طارق.
الشاب: انتي بتعرفي تزرعي؟
رحمه: اه .. أنا خريجة زراعة، وأنا اللي زرعت الورد اللي في البيت اللي هناك ده.
طارق: بجد؟!
رحمه: اه.
طارق: أنا هاخد شوية بذور، أزرعها هنا في البيت، وبطلب منك إبقي راعيها، لأن أنا شغلي من الصبح الساعة 5 لحد الساعه 9 .. ولحسن الحظ إني جيت النهاردة بدري علشان أشوفك … ممكن؟
رحمه: أراعيها فين؟!
طارق: هنا.
رحمه: هو حضرتك ساكن فين؟
طارق: هنا.
رحمه: هنا فين؟ .. هنا تذكرت أمر المنزل.
طارق: أيوة ساكن هنا .. مالك اتخضيتي ليه؟!
رحمه: لا متخضيتشي.
طارق: علشان يعني البيت مافيهوش شجر ولا زرع ولا أي حاجة حلوة؟
رحمه وهي تنظر في الأرض: اه.
طارق: أنا بصراحه خريج تجارة، وشغال في شركة بابا، ومحدش في البيت بيحب الزراعة خالص عندنا وبالتالي محدش مهتم .. فالزرع مات … الله يرحمه جدي وجدتي كانوا بيحبوا الزرع والورد جداً.
رحمه: ربنا يرحمهم.
طارق: اتفقنا تزرعي هنا الورد وتراعيه؟ وأنا هكلم عم متولي الحارس يدخلك كل يوم الجنينه تزرعي وتهتمي بالورد .. إيه رأيك؟
رحمه: هفكر.
طارق: إن شاء الله هتوافقي.
رحمه: عن إذنك.
طارق: اتفضلي يا آنسة رحمه.

انصرفت رحمه إلى منزلها .. ودخلت حجرتها وأبدلت ملابسها.

سمعت طرقاً علي الباب…

رحمه: اتفضل.
أمينه: انتي كنتي فين يا بنتي؟ الهوا كان شديد بحسبك في أوضتك .. طلعت أشوفك ملقيتكيش .. كنتي فين؟!
رحمه: كنت برة يا داده .. روحت أشوف الزرع بتاعي طلع ولا لسة.
أمينه: اتأخرتي خالص.
رحمه: الهوا طير الشال بتاع ماما … وهنا وقف الكلام في جوف رحمه، حينما نظرت إلى يدها فلم تجد الشال.
رحمه: يا خبر الشال نسيته هناك.
أمينه: نسيتيه فين؟!
رحمه: في البيت اللي قدامنا.
أمينه وهي تشعر بالصدمة: انتي روحتي هناك؟!
رحمه: اه .. الشال الهوا طيره فوق الشجرة اللي هناك فروحت أجيبه.
أمينه: شكلك نسيتيه هناك.
رحمه: اه .. أنا هروح أجيبه.
أمينه: بلاش يا بنتي.
رحمه: إزاي يا داده؟ دا الشال بتاع ماما مستحيل أسيبه.
أمينه: خدي بالك من البيت ده .. ولا آجي معاكي؟
رحمه: لا يا داده .. أنا هروح وآجي علي طول.
أمينه: ربنا يحميكي يا بنتي.

ذهبت رحمه إلى المنزل مرة أخري فرأت ذلك الشاب يجلس علي مقعد في الحديقة الخارجية ومعه الشال.

سمح الحارس لرحمه بالدخول .. فوقفت أمام طارق…

رحمه: لو سمحت ممكن الشال بتاعي؟!
طارق: اتفضلي .. انتي نسيتيه .. فأنا خليته معايا.
رحمه: شكراً إنك حافظت عليه.
طارق: شكله غالي عليكي قوي علشان كدة مستنيتيش للصبح وجيتي دلوقتي.
رحمه: ده شال ماما الله يرحمها وعزيز عليا جداً.
طارق: ربنا يرحمها .. أنا آسف إني فكرتك.
رحمه: مافيش حاجة لأن أنا عمري ما نسيت ماما.
طارق: ها .. وافقتي؟
رحمه: لسة بفكر.
طارق: علي فكرة محدش هيضايقك .. لأن أمي ست قعيدة أصلاً، ومش بتطلع من البيت، ومافيش إلا الحارس والخدامة بس.
رحمه: …………
طارق: ها .. قوليلي رأيك.
رحمه: عن إذنك .. وعندما همت بالانصراف .. لاحظت نفس النظرات من خلف الستائر، لامرأة تقف داخل المنزل .. ولكن نظرات تلك المرأه كانت مخيفه جداً .. فابتعدت رحمه بنظرها عن تلك السيدة وانطلقت.
طارق: طب استني أوصلك.
رحمه: لا شكراً .. أنا هروح لوحدي.
طارق : عامة الورد هيستناكي بكرة علشان تسقيه.

رحمه مازالت في سيرها إلى منزلها.

دخلت إلى منزلها تحمل الشال .. وصعدت إلى حجرتها .. ولم تستمع لنداءات داده أمينه.

أخذت تفكر .. هل يعقل أن يكون ذلك الشخص يسكن في ذلك المنزل؟!
هل يعقل أن المنزل الأسود يحتوي بين طياته علي شخص مثل طارق؟!
من هي المرأة التي كانت تنظر لي؟!

أخذت تفكر جيداً .. من تلك المرأة؟ ولماذا تنظر إليها؟ وطارق أخبرها أن والدته امرأه قعيدة .. فمن تكون تلك المرأه؟!!! … أظن أنها الخادمه التي تحدث عنها طارق.

سمعت رحمه طرقاً علي الباب.

رحمه: اتفضل
أمينه: إيه يا بنتي؟ .. مش هتاكلي؟ انتي لا اتغديتي ولا اتعشيتي.
رحمه: معلشي يا داده .. أنا مش جعانه .. أنا هنام أحسن.
أمينه: ماشي يا حبيبتي تصبحي علي خير.
رحمه: وانتي من أهله.

دخلت رحمه إلى شرفتها .. وأخذت تنظر إلى المنزل فرأت طارق مازال يجلس في الحديقة الخاصة بمنزله .. فابتسمت ابتسامه عريضة .. ودخلت إلى فراشها .. وأغلقت عيناها .. ونامت.

في اليوم التالي

استيقظت رحمه .. ودخلت إلى شرفتها .. وأخذت تفكر جيداً … هل تذهب لترعى البذور الموجودة في المنزل الأسود أم لا؟

لا تعلم لماذا قررت أن تهتم بالبذور في المنزل الأسود .. هل رغبه لطارق أم ماذا؟! ولكنها قررت أن تهتم بالبذور .. وألا تخبر والدها أو داده أمينه.

جلست رحمه بجانب والدها كالعاده علي مائدة الطعام.

محمد: مش محتاجة حاجة أجيبهالك يا رحمه؟
رحمه: شكراً لحضرتك يا بابا .. عايزاك بأفضل حال.
محمد: ربنا يخليكي ليا.
رحمه: ويخليك ليا يا بابا.
محمد: روحتي ليه البيت اللي أدامنا يا رحمه؟
رحمه: الشال طار يا بابا واتشبك علي الفرع اللي في البيت ده.
محمد: وطبعاً روحتي جيبتيه؟
رحمه: اه.
محمد: مش أنا قولت إنك تبعدي يا رحمه؟
رحمه: والله الشال هو اللي طار يا بابا، واهو أنا قدامك اهو مافيش حاجة حصلت.
محمد: أنا خايف عليكي يا بنتي .. اسمعي كلامي.
رحمه: حاضر يا بابا.
محمد: أنا رايح الشغل .. مش عايز أبقى قلقان عليكي يا رحمه.
رحمه: متقلقشي يا بابا.
محمد: أنا همشي علشان متأخر .. لو احتاجتي حاجة بلغي داده أمينه، وبكرة أبقى أجيبهالك.
رحمه: ربنا يخليك ليا يا بابا.

قبلت رحمه والدها.

انصرف والدها .. وذهبت إلى الحديقة الخاصة بها فقامت بروي البذور واعتنت بها جيداً، ثم وقفت خلف أسوار بيتها تنظر إلى البيت الأسود وتفكر جيداً .. هل تذهب أم لا؟ ولكنها عقدت العزم على أن تذهب لروي الأزهار رغبة لطارق .. ولا تستمع لكلام والدها بالابتعاد عن المنزل .. فذهبت إليه.

رحمه: ممكن أدخل يا عم متولي اسقي البذور؟

ولكن رحمه تملكها الخوف من ذلك الرجل…

… انتظرونا في الفصل الثالث،،،

الفصل الأول

اترك تعليق