رنا عبد العزيز تكتب: رسالة إلى غائب

1

صديقي الشهيد.. أقف لك احتراماً وتقديراً لما بذلته من روحك ودمك للدفاع عن وطنك..
تمنيت كثيراً نيل الشهادة مثلك واللحاق بك في جنات الله الخالدة..

أعلم أنك بخير.. ولكن نحن لسنا بخير يا صديقي!

بعد أن أوشكت ستة أعوام من رحيلك علي الانتهاء، لتدخل في عامك السابع، أردت أن أتحدث إليك اليوم، عن كل ما حدث.
الجميع خرج بغضب يطالب بحقك…

شعرنا أن حلمك بدأ يتحقق بعد سجن الحاكم المخلوع.

فرحة قلوبنا العارمة، كادت أن تقف نبض الحياة بداخلنا، شعرنا أن دمك لن يذهب هباء.

شعرنا أن وطننا استرد حياته، بعد سنوات صارع فيها الموت.

شعرنا أن لون الحياة بدأ يفتح، بعد أن غلب عليها السواد.

ولكن … سرعان ما وجدنا الحلم بدأ يتلاشى، بتولي المتأسلمين الحكم.

لتعلم يا عزيزي .. أننا كدنا أن ندخل زمان الجاهلية.. سعينا كثيراً للتقدم، ولكن بوجودهم تأكدنا أن أوطاننا ذاهبة في طريق مغلوط.

كان الحلم كبير بداخلنا، والأمل يزداد يوماً بعد يوم، واليأس لم يكن له متسع بيننا.

ثورنا كي ترجع دولتنا للطريق السليم، بعد زوبعة بسيطة كادت أن تطيح بحلمك.

ولكن .. بعدهم تسلم الحكم العساكر!
حذرتنا منهم قبل رحيلك .. وقلت أن وقوفهم بجانبنا لم يكن بدافع حمايتنا، ولكن بدافع احتلال الوطن!
كنت محق يا صديقي…

لقد وجدناهم بعد وقوفهم في صفوفنا وقت ثورتنا، يتهموننا اليوم بالانضام إليها!

أصبحت الثورة يا صديقي اتهام جديد، يضاف اللي قائمة الاتهامات الملفقة، التي تنسب لكل من له رأي وفكر معارض أراد التحدث بهم في دولة الدستور!!!

لقد خُدعنا يا صديقي…

لم يدركوا أننا لا نكره جيشنا، ولكن ندافع عن هيبته التي زالت بوقوف جنودنا نهاراً لبيع أدوات النظافة والأغذية المثلجة.

لم يدركوا أننا لا نسعى لقلب نظام حكم، ولكن نسعي لتعديل مسار ثورة بذلت روحك من أجل تحقيق مطالبها، التي أمليتها علي العالم أجمع لترفع اسم بلدك عاليا.

أعلم أن ما أقصه عليك، من الممكن ألا تدركة، أو لم يخطر يوماً علي بالك قط، ولكن، وصلنا اليوم إلي أقصى درجات البكاء المضحك يا عزيزي!
رجعت الشرطة تمارس قمعها والجيش يمارس استبداده.

أتعلم أن الحاكم المخلوع أخذ حكم براءة من دمك؟!!!

أنا حقاً آسفة يا صديقي .. لم يكن بوسعي الإتيان بحقك إلي يومنا هذا، فقد تحدثت وتحدث جميع رفاقك، ولكن البعض منهم اليوم مهدد بالسجن.. والبعض الأخر مسجون بالفعل!

وفي نهاية رسالتلي إليك … أيها الغائب الحاضر…

لتعلم أن دمك مازال معلق برقابنا جميعا، مهما قابلتنا عواقب…
أو وقف في طريقنا غاصب لحريتنا.. أو قامع لا يجيد سوى سياسة السوط والحديد.

وحلمك سينتصر .. وحقكك آتٍ آتٍ مادمنا نتنفس حرية،،،

تعليق 1
  1. محمد محمود يقول

    صدق مشاعرك سبق بداعة توصيفك

اترك تعليق