د. أحمد نزيه أبوراس يكتب: نحو مستقبل أفضل للنظام الصحي في مصر

0

التعليم والصحة، كلمة السر في بناء مصرنا الحبيبة، والكل يعلم ذلك، اذ ليس في ذلك جديد.

فمن المسئول عن تطوير الصحة؟ ومن المسئول عن استعادة ماضينا الحضاؤي المتميز؟ وبناء المستقبل الذي نستحقه؟

هل هي السلطة التنفيذية المتمثلة في وزارة الصحة؟

إن هذه النظرة الضيقة، قد تكون عائقا أمام الإسراع في تحقيق حلم بناء وطن اشتقنا إليه، عاش فيه أجدادنا، وتنعموا به، ورفعوا رؤوسهم فخرا بانتمائهم إليه.
نحتاج حقيقة لتضافر كافة الجهود، جهود الحكومة ووزارة الصحة، وجهود أعضاء مجلس النواب، وجهود نقابة الأطباء، وجهود كافة العاملين في القطاع الصحي، من أطباء وتمريض وفنيين، وإداريين متخصصين في الإدارة الصحية. نحتاج لجهود أساتذة الكليات والمعاهد المتعلقة بالصحة، كليات الطب، والتمريض، والأسنان والصيدلة والعلاج الطبيعي، والمعاهد الفنية الصحية، ومدارس التمريض. نحتاج لجهود منظمات المجتمع المدني، المتمثلة في جمعيات أصدقاء المرضى وغيرها من الجمعيات العاملة في هذا المجال، ولكل دوره في البناء، فقد انتهت عصور المطالبات التي لم تفلح في الوصول إلى ما كنا نردده دائما: “عايزين عايزين”، فلو كنا بجد عايزين، يبقى لازم نساهم في تحقيق اللي احنا عايزينه.
إن المجال الصحي قد شهد تطورا عالميا كبيرا خلال العقود الماضية، تطورا في وسائل التشخيص والعلاج، وفي العلوم المتعلقة بتقديم الخدمة، وظهور علوم متخصصة في إدارة الخدمة الصحية وبناء المستشفيات، وللأسف فإن السلطة التشريعية خلال العقود الماضية، قد تقاعست عن تطوير التشريعات المنظمة للصحة.
لقد صدر قانون مزاولة مهنة الطب عام 1954، وعدلت بعض مواده سنة 1965، وصدر قانون مزاولة مهنة الكيمياء الطبية كذلك سنة 1954، ويسمح ذلك القانون لخريجي كليات العلوم والطب البيطري والصيدلة والزراعة بفتح معامل تحاليل طبية للمرضى،  نظرا لقلة الأطباء المتخصصين في هذا المجال وقت صدور القانون، أما قانون مزاولة مهنة  الصيدلة فقد صدر سنة 1955، وقانون مزاولة مهنة طب الأسنان سنة 1954، ومهنة العلاج النفسي 1956، وقانون نقابة الأطباء سنة 1969، وأحدث القوانين المتعلقة هو قانون المنشآت الطبية والذي صدر سنة 1981.
وقد حاولت السلطة التنفيذية خلال تلك العقود، تطوير الخدمة الصحية، بإنشاء قطاعات عديدة تقدم خدماتها للمواطنين، بحيث لا يقتصر تقديم الخدمة على المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، فأنشئت المؤسسات العلاجية بالمحافظات المختلفة، ومستشفيات المراكز الطبية المتخصصة، مما أدى إلى تعدد جهات تقديم الخدمة الصحية، مثل هيئة المستشفيات التعليمية، ومستشفيات التأمين الصحي، والمستشفيات الجامعية، والمستشفيات التابعة لكليات الطب بالجامعات المختلفة سواء الجامعات الحكومية أو الخاصة، ومستشفيات القوات المسلحة والشرطة، والمستشفيات الخاصة التي تتخذ أشكالا قانونية مختلفة، ما بين شركات الأشخاص أو الأموال، أو تلك التابعة لصناديق علاج العاملين بالشركات والهيئات، أو الخاضعة لمظلة وزارة التضامن الاجتماعي باعتبارها مستشفيات خيرية، تنشؤها وتديرها الجمعيات والمؤسسات الخيرية، كما ظهرت مراكز طبية متخصصة في التشخيص والعلاج، كمراكز الأشعة التشخيصية، ومعامل التحاليل الطبية، ومراكز الكلى الصناعية ومراكز علاج الأورام وغيرها، كل ذلك دون تطوير للتشريعات المنظمة، مما ادى الى عدم وجود معايير قياسية لتقديم الخدمة، فلكل قطاع نظامه المالي والإداري، ولكل قطاع وسائل تمويله التي تختلف عن غيره من القطاعات.
ومما لا شك فيه، أن فشل السلطة التشريعية في تطوير القوانين المتعلقة بالصحة، لتواكب التطور الهائل الذي شهده العالم في تكنولوجيا وسائل التشخيص والعلاج، بل وظهور العلوم الإدارية المتخصصة والمتعلقة بالصحة، أثر تأثيرا مباشرا على مستوى تقديم الخدمة، ناهيك عن فشل السلطة التنفيذية في مراقبة أداء كافة القطاعات المختلفة، مع ضعف التمويل، وتدني مستوى التعليم.
فهل هناك أمل في الإصلاح؟ ومن أين نبدأ؟ وكيف نبدأ؟ ومن الذي يبدأ؟
نعم هناك أمل كبير في الإصلاح، يتمثل في إصدار قانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل، والذي يعتبر خطوة، مجرد خطوة في طريق تنظيم وإصلاح القطاع الصحي، ذلك القانون الذي يهدف إلى أن يحصل كل مواطن مصري على ما يستحقه من خدمة صحية جيدة، بصرف النظر عن مدى قدرته على سداد تكلفة الخدمة، إذ يعتمد الظام على التكافل الاجتماعي الذي نحتاج إليه.
وحيث ان مشروع القانون قد أثار جدلا كبيرا ما بين مؤيد ومعارض، ونظرا لأن المعرفة حق لكل مواطن، نستعرض أهم مواد مشروع القانون، والفكرة العامة لنظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل، وللحديث بقية.

الاسكندرية في 12 ابريل 2017

د. أحمد نزيه أبوراس
– عضو مجلس ادارة غرفة مقدمي الخدمات الصحية التابعة لاتحاد الصناعات
– عضو مجلس نقابة أطباء الاسكندرية
– عضو لجنة العمل ولجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصري

اترك تعليق