كتبت – أسماء المهدي
أعلن الرئيس الفلبيني، رودريغو دوتيرتي، عزمه إقامة نظام حكم ذاتي لمسلمي بلاده، استمرارا لمساعيه إلى هزيمة المسلحين المتطرفين الإسلاميين الذين يمثلون حاليا أكبر تحد لحكمه.
وفي خطاب ألقاه خلال مراسم خاصة أقيمت في العاصمة الفلبينية مانيلا، اليوم الاثنين، بمناسبة تسلمه مشروع “قانون بانغسامورو الأساسي” قال دوتيرتي: “تشكل هذه اللحظة خطوة هامة إلى الأمام في سعينا إلى إنهاء قرون من الكراهية وعدم الثقة وغياب العدالة، التي كلفت وأثرت على حياة الملايين من الفلبينيين”.
ويهدف مشروع القانون المذكور، الذي أعده وقدمه إلى الرئيس مسؤولون في الحكومة، بالتعاون مع أكبر جماعة مسلحة في البلاد، “جبهة مورو الإسلامية للتحرير”، التي تصالحت مع السلطات الحالية، يهدف إلى تحويل المناطق ذات الأغلبية المسلمة في جزيرة مينداناو جنوب البلاد إلى منطقة حكم ذاتي، لها سلطاتها التنفيذية والتشريعية والمالية الخاصة.
وتعني كلمة “بانغسامورو” في اللغة الفلبينية “أمة مورو” في إشارة إلى مسلمي الجنوب الذين كان المستعمرون الإسبان يطلقون عليهم اسم “مورو”.
وتنص هذه الوثيقة على وجود مجلس تشريعي منتخب وحكومة لمنطقة الحكم الذاتي هذه، مع الاتفاق على اقتسام إيرادات الموارد الطبيعية في تلك المنطقة مع الحكومة المركزية.
ويأمل دوتيرتي في أن يقنع مشروع الحكم الذاتي هذا مسلمي الفلبين برفض تنظيم “داعش” المصنف إرهابيا على المستوى الدولي ، الذي لا يزال أتباعه في مسلمي الفلبين يسيطرون على أجزاء من أكبر مدينة جنوب البلاد، مراوي، بعد نحو شهرين من المعارك التي خلفت أكثر من 500 قتيل وتشريد نحو 260 ألف شخص، وهذا ما يشكل أخطر أزمة أمنية في الفلبين منذ سنوات.
وفي تصريح أثار عاصفة من التصفيق، تعهد دوتيرتي بالإسهام في تبني مشروع القانون هذا، قائلا أمام مؤلفيه: “دعوني أقول لكم يا أشقائي… إنني سأؤيد وأعجل بإقرار هذا التشريع بعد إحالته للبرلمان”.
وأضاف الرئيس الفلبيني أنه “لن تكون هناك اعتراضات على البنود التي تتسق مع الدستور وتطلعات المسلمين”.
وتتفق السلطات الفلبينية و”جبهة مورو الإسلامية للتحرير” على أن احترام خيارات الأقلية المسلمة الكبيرة، التي تعاني من الفقر بشكل واسع في البلاد ذات الغالبية المسيحية الكاثوليكية، يعد خطوة أساسية لإبعاد مسلمي البلاد عن السقوط في شباك التطرف والعنف.
وفي غضون ذلك، قال الحاج إبراهيم مراد، زعيم “جبهة مورو الإسلامية للتحرير”، في إشارة إلى مقاتلي مراوي: “إن هؤلاء الأشخاص، الذين ضلوا الطريق، قد ملأوا الفراغ، الذي خلقه فشلنا في إقرار القانون الأساسي، وباتوا يستغلون الإحباط الذي يشعر به أبناء شعبنا”.
وأضاف مراد: “نعيش في زمن شديد الخطورة… نتابع باشمئزاز شديد الدمار الذي تسبب فيه التطرف العنيف في مدينة ماراوي”.
ومن الجدير بالذكر أن المسلمين في الفلبين خاضوا منذ سبعينات القرن الماضي تمردا استمر عقودا وأسفر عن أكثر من 100 ألف قتيل في منطقة مينداناو التي تضم مدينة مراوي، لكن “جبهة مورو الإسلامية للتحرير” وقعت اتفاق سلام مع سلف دوتيرتي، بنينو أكينو، عام 2014.
رفض الكونغرس الفليبيني آنذاك تمرير مشروع القانون المتعلق بالحكم الذاتي للمسلمين والذي يعد بندا أساسيا من بنود الاتفاق، مما تسبب بإعلان الفصائل الصغيرة المتمردة في المنطقة لاحقا بمبايعة تنظيم “داعش”.
وكان الهجوم على مدينة مراوي في 23 مايو الماضي أكبر تحرك للمسلحين الإسلاميين المتطرفين ودفع دوتيرتي إلى إعلان فرض الأحكام العرفية في أنحاء مينداناو.
المصدر : RT