الربان محمد صبري يكتب: النقل البحري المصري.. طموحات وعقبات

0

يحتل النقل البحري أهمية خاصة في اقتصاد الدول ذات المنافذ البحرية، نظراً لإمكانية إسهامه في تخفيض العجز التجاري، وذلك عن طريق تحقيق أقصى استفادة ممكنة من عائدات النقل البحري.

ومن المؤكد أن التنمية الاقتصادية لأي مجتمع من المجتمعات لا يمكن تصورها دون عمليات النقل البحري، والنشاط الملاحي بصفة عامة.

وأن التنمية الاقتصادية في حد ذاتها قد تتيح الفرصة للنمو الصناعي وللارتفاع في مستوى الدخل، وقد يؤدي هذا إلى نمو صناعة الخدمات البحرية مادامت توجه لها العناية المناسبة والإشراف الكافي والدعم  الملائم.

وانطلاقاً من أهمية النقل البحري، حيث أن النقل البحري يحتل مرتبة هامة إلى جانب كل من النقل البري والنقل الجوي في التنمية الاقتصادية للدولة، فقد ازداد الاهتمام بتطويرر النقل البحري الذي تشكل المواني مراكز انطلاق له، وقد ساعد على ذلك التكلفة الاقتصادية المنخفضة نسبياً، ناهينا عن الكميات الكبيرة من البضائع التي يمكن نقلها دفعة واحدة بواسطة السفن العملاقة.

وتلعب المواني المصرية دوراً استراتيجياً هاماً في حركة التجارة الخارجية لمصر، حيث يقدر ما يتم نقله بحراً بما يقرب من 90 % من حجم تجارة مصر الخارجية، وبالرغم من الأهمية الكبري لقطاع النقل البحري إلا انه لا يتم تطوير الأسطول البحري بالشكل الكافي حيث تعاني مصر من انخفاض قدرة الأسطول، نظراً لتقادم مفرداته من جهة، ومن جهة أخرى، فإنه يعاني أيضاً من عدم مسايرة الأسطول المصري للتطورات الهائلة في صناعة السفن.

وقد أدى عدم تطوير الأسطول المصري بالشكل الكافي إلى التفكير في مصدر للتمويل غير تقليدي؛ لتطوير الأسطول التجاري البحري المصري وذلك كمحاولة للتغلب علي الصعوبات التي تواجه الأسطول المصري بصفة خاصة، وقطاع النقل البحري بصفة عامة، ومن أجل تطوير أسطول النقل البحري يجب توفير موارد مالية عالية، وعليه، فإنه يجب أن نستخدم مصادر تمويلية غير تقليدية لا تؤثر علي الدولة سواء عن طريق اكتتاب عام أو دعم وتطوير ترسانات بناء السفن أو التمويل بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص (P.P.P) أو من خلال عقود التأجير التمويلي للسفن، وينتج عن ذلك ميزتين أساسيتين وهما: سرعة الحصول على الأصول الرأسمالية مما يحقق للمستأجر الإنتاجية المطلوبة للتشغيل، والانتفاع بها والثانية، زيادة الاستثمارات، وذلك من خلال تخفيف الأعباء على الموارد المالية للعميل المستأجر، في حين توفر للمؤجر في المقابل مجالاً واسعاً للاستثمار بعوائد مناسبة، وبضمان كافٍ. وقد يقتضي الأمر إنشاء بنك تمويل بحري، وذلك ليتبنى فكرة التأجير التمويلي بشروط ميسرة، تنعكس آثارها على أسطول النقل البحري المصري.

وإلى جانب ذلك، فإن التدريب وتنمية الطاقات البشرية العاملة في النقل البحري، يعد من أهم أدوات التطوير، كما يجب تحديد شروط مزاولة المهنة لكل من الربابنة والضباط والمهندسين والوقادين والبحارة والصيادين والغواصين وغيرهم من العاملين فى البحر، وإصدار الرخص لهم ومراجعة الدراسات التأهيلية للمعاهد ومراكز التدريب المتخصصة فى تأهيل أطقم السفن وفقاً للمستويات الدولية القياسية، وذلك إلى جانب وضع برامج التدريب فى الداخل والخارج للعاملين بالقطاع البحري والأجهزة والمنشآت التابعة له، وذلك للارتقاء بأدائهم طبقاً للمعايير المطبقة دولياً.

كما لا يجب إغفال المشكلات التي تواجه العمالة المصرية، مثل مشكلة تسويق البحارة، والوقوف على أهم الأسباب التى تعيق فتح سوق خارجي لتصدير البحارة المصريين، ومنها نقص الكفاءة فى التدريب والتأهيل وهو ما قد يتطلب فتح مدارس لإعداد البحارة وإكسابهم المهارات اللغوية والتدريبة، ومن الممكن أن تتبع هذه المدارس للقوات البحرية، أو معهد تدريب المواني التابع للأكاديمية البحرية والتي تتولى تدريب وتأهيل الكوادر البحرية على المستوى العربي والإفريقي في مصر، وأن يكون تصدير العمالة البحرية له طابع الحماية من قبل الدولة سواء عن طريق إقامة شركة لتسويق العمالة أو عن طريق تفعيل دور المستشار العمالي المصري فى الدول التى تطلب عمالة بحرية. ولا يجب أن نغفل مشكلة التأمينات الاجتماعية للبحارة وكيفية وضعهم تحت مظلة تأمينية تشمل جميع فئات البحارة، إضافة إلى إخضاهم للتأمين الصحي أسوة بفئات العاملين الآخرين.

ومما سبق فإنه يتبين أنه برغم أهمية دور النقل البحري في مصر لدفع قاطرة التنمية ولدعم الاقتصاد القومي، إلا أننا لا يزال أمامنا طريق طويل مليء بالجهد وتخطي العقبات حتى نتمكن من تطوير المنظومة البحرية بالقدر الذي يسمح لها بأن تكون أحد سواعد البناء المؤثرة في الاقتصاد القومي المصري.

 

اترك تعليق