إستطاعت بطانة السوء الملتفة حول الحاج حسنى المبروك، عمدة واحة الغلابة، أن تعزله عن أهل الواحة مستغلة شيخوخته، وراحت تعيث فى الأرض فساداً، فاستباحت كل مقدرات تلك الواحة التى حباها الله موقعاً متميزاً وسط الصحراء القاحلة، وجعلها تتحكم فى كل طرق التجارة المارة بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وفجر فيها عيون الماء بغذارة، فازدهرت زراعتها، وساعدها على النماء عدد سكانها الهائل، والمتزايد، فوفر ذلك لها العمالة الكافية القادرة على الزراعة والانتاج، وجعل كل ذلك تلك الواحة الآمنة مطمعاً للغزاة على مر التاريخ، مثلها مثل سائر الواحات الأخرى المحيطة التى ظهر فيها النفط، وكان هو الدافع لمطمعهم.
شيئاً فشيئاً، بدأت الواحة تئن تحت وطأة ازدياد عدد سكانها المضطرد، وفساد عمدتها وبطانته، وبدأت الأهالى تعانى شظف العيش، وبدأت جماعة المتشددين الإسلاميين التى كان الحاج حسنى المبروك قد أفسح لهم مجالاً للتواجد بقدر فى مجلس شورى الواحة فى مقابل أن يمهدوا له الطريق أمام نجله جلال لوراثته فى العمودية، مستغلاً قدرتهم الهائلة على استغلال الدين فى السيطرة على عقول البسطاء من أهل الواحة، ولم يع درس الماضى القريب، حين ارتكب سلفه الراحل نفس الخطأ، واستعان بهم لضرب خصومه، وترك عودهم يشتد، حتى غدروا به وقتلوه.
عاش المتشددون يتوارثون جيلاً بعد جيل حلم حكم جميع الواحات بالمنطقة وإزالة الحدود فيما بينها بحجة إحياء الخلافة الإسلامية، وتلاقت مصالحهم فى ذلك مع مصالح الغزاة الجدد، الذين رأوا أن السيطرة على تلك المنطقة تبدأ بتفتيت كياناتها القوية، وتحويلها فيما بعد إلى كيان واحد تابع لها، يسهل السيطرة عليه، ويحكمه حفيد آخر خليفة للمسلمين، قابع هناك على الشاطىء الآخر للبحر، ويدين لهم بالتبعية والولاء.
كانت خطة المتشددين للوصول إلى مآربهم تعتمد على إثارة الجماهير فى الواحة، مستغلين فساد حكم العمدة، وخطواته الحثيثة لتوريث نجله مكانه، وإحداث فوضى عارمة فى الشارع، واستغلالها لتدمير جهاز أمن الواحة، ثم الوثوب على كرسي العمودية، وخلع العمدة، وتنصيب أحدهم مكانه، وتمهيد الطريق نحو تحقيق حلمهم القديم، واستطاعوا أن يستقطبوا كثيراً من الشباب الثائر، وتلاقت مصالحم مع مصالح الخفراء، الذين لم ترق لهم فكرة توريث جلال ابن العمدة كرسي العمودية.
وحدث ما حدث، وخُلع العمدة، وخدع الشباب الثائر، الذى سرقت ثورته، وآلت مقاليد الأمور للحاج مرسي الباكى، الدمية التى اختارها المتشددون لكرسى العمودية، وتواروا خلفه، يحركونه كعرائس الماريونيت، وانقضوا كالتتار على كل الواحة، فاصبحت كل مفاصلها فى قبضتهم، وغدروا بشيخ الخفراء وعزلوه، وعينوا آخراً بديلاً عنه، ظناً منهم أنه أحد رجالهم، ولاح فى الأفق أن الدنيا قد دانت لهم، وبدأت ميليشياتهم تطبق شريعتهم فى الشارع، وصارت شوارع الواحة ساحة لعتاة المجرمين ولصوص الطريق، وانقض أولاد عمومتهم على الواحة الغربية، فأحالوها خراباً بمساعدة الغزاة الجدد، وقطعوا أوصالها، والتهموها قطعة قطعة، وسلموا نفطها للغزاة الجدد مقابل مساعداتهم لهم، تماماً كما حدث فى الماضى القريب فى الواحة الشرقية، وبان للعيان أنه مخطط جهنمى، رُسم بدقة، لتفتيت المنطقة كلها.
وتعلقت آمال أهل الواحة بفارس يخلصها من هذا الكابوس الذى جثم على ظهورهم، وارتعدت قلوبهم وهى تسمع وترى المذابح التى يقوم بها المتشددون فى الواحات المجاورة.
وفى وسط هذا الظلام الحالك، إستجاب المولى سبحانه وتعالى لدعوات الغلابة، وهب شيخ الخفراء الجديد الشاب، وقلب الطاولة على رؤوس المتشددين، وخلع عمدتهم، وسجن كبراءهم، وأنقذ الواحة من خطر التمزق، ودارت الدائرة، واستلم الشاب مقاليد العمودية.
إستطاع العمدة الشاب عبد الفتاح السايس فى فترة زمنية وجيزة إعادة بناء الواحة، وتحقيق أمن سكانها، وتأمين حدودها، وتعقب فلول المتشددين الذين انطلقوا كالكلاب المسعورة مدعومين من الغزاة الجدد وعملائهم بالمنطقة، يحاولون إرهابه وإرهاب سكان الواحة، ومازال الرجل حتى الآن فى حربه الضروس معهم فى الوقت الذى مازالت يده تبنى وتزرع وتعبد الطرق هنا وهناك.
إستطاع العمدة الشاب أن يحافظ على وحدة الواحة، ويقيها من التقسيم والتفتت، ويفشل مؤامرة الغزاة الجدد لالتهامها كما التهموا كل الواحات المحيطة، غير أن المشهد الحالى فى واحة الغلابة يحمل فى طياته نذر الخطر، فرجال فساد عصر العمدة الأسبق الحاج حسنى المبروك، بدأوا فى الظهور واحداً تلو الآخر، وبطانة من منافقي ومداحي وطبالي كل العصور، بدأت تظهر حول الرجل. مشهد مقلق ومخيف، نرجوا من جناب العمدة أن يهم ممسكاَ بمكنسته، وينظف كل طرقات الواحة من هؤلاء.
القشاش
السبت, ديسمبر 7, 2024
آخر الاخبار
- سلة الاتحاد السكندري يستدرج مصر للتأمين بربع نهائى دورى المرتبط (صور)
- نادى الاتحاد السكندرى يُبرم أتفاقية تعاون مع مجموعة شركات “سبيشيال جروب” لاستغلال المول التجاري بفرع سموحة في مشروعات الطب الرياضي
- الاستاذ محمد مصيلحي رئيس النادي يهنيء سلة زعيم الثغر بالفوز ببطولتي كأس السوبر المصري وكأس السوبر المصري البحريني موسم 2024
- الاستاذ محمد مصيلحي يشكر الفريق احمد خالد
- الأستاذ محمد مصيلحى في ضيافة سمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة نائب رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية
- الاتحاد السكندرى ينافس المنامة على لقب السوبر المصرى البحرينى لكرة السلة اليوم
- اعلام الجمرك يناقش أثر التغيرات المناخية علي الصحه العامة.. بكلية التمريض جامعة الاسكندرية
- وفد اتحاد السلة يزور معسكر بعثتي الاتحاد السكندري والأهلي في البحرين