ذات مساء، هاتفنى إبن الأخت الحبيب د.محمد مغازى من الرياض بالمملكة العربية السعودية، باحثاً عن حل لمشكلة يعانيها، وهى طفو وريقات النعناع على سطح الشاى بالشكل الذى يجعلها تضايقه أثناء الشرب، وتلتصق بشفتيه وأسنانه، وأطلقت العنان لخيالى فى البحث والتمحيص فى جذور المشكلة، ولعلّنى أكون قد اقتربت ولو قليلاً، من إيجاد حل لمشكلة لا تخص إبن الأخت فقط، بل تخص البشرية جمعاء، وكان هذا المقال التخريفى:
بدءاً ذى بدء كان لزاماً علينا قبل الخوض فى مثل هذا الموضوع الشائك، أن ننوه عن ذلك اللبس، الذى قد يكون عن غير قصد، أو أنه قد جاء نتيجة لسوء فهم لبعض المعانى التى نحن بصدد إجراء بحثنا هذا عنها؛ وأعنى هنا تحديداً ودون مواربة، هل الأمر يتعلق بتعلق أوراق النعناع بين سطح الشاى وقاع الكوب، أم بطفوها طفواً مطلقاً لا لبس فيه فوق السطح؟………..
إن المتتبع لحركة وريقات النعناع فى كوب الشاى بعين فاحصة، يستطيع أن يدرك بما لايدع مجالاً للشك أن هذه الوريقات تمر بعدة أطوار نوجزها فيما يلى:
الطور الأولى (الطور الابتدائى أو طور الإضطراب) :
وفيه تتحرك الوريقات حركة عشوائية سريعة مدفوعة من قوة حركة ملعقة التقليب.قد يبدو للعيان للوهلة الأولى، أن الوريقات عالقة بين سطح الشاى وبين قاع الكوب، لكن هذا أمر مبالغ فيه ويفتقد كثيراً إلى المصداقية حيث أنه يتعارض مع حقيقة كون الأجسام ذات الكثافات الأقل تطفو فقط فوق أسطح السوائل ذات الكثافات الأعلى، ولتوضيح ذلك، نضرب مثالاً بطفو لزيت ذى الكثافة الأقل فوق سط الماء ذى الكثافة الأعلى.هنا قد يتساءل البعض، وهل كثافة ورقة النعناع اقل من كثافة الشاى؟.
بكل تأكيد ستكون الإجابة بنعم، تعالوا بنا نستنبط هذا رياضياً :
كثافة ورقة النعناع =1 وحدة كثافة، هذا لأن ورقة النعناع تتركب أساساً من روح النعناع مضافاً إليه بعض مكسبات اللون والنكهة التى توجد فيها بكميات ضئيلة جدا يمكن إهمالها.
كثافة الشاى =3 وحدة كثافة، حيث أن الشاى يتكون من 3 مكونات رئيسية كثافة كل واحد منها = 1،وهى الماء،السكر،خام الشاى.
الطور الثانى (طور التردد أو طور ماقبل السكون) :
وفيه تصبح وريقات النعناع فى تردد واضح، هل تستمر فى هذه الدوامة الخانقة إلى ما لا نهاية؟، أم تسلك طريقها نحو الخمود والسكون؟.فى حقيقة الأمر، يعتمد هذا اعتماداً كلياً على الحالة المزاجية للشخص المُقَلِب (الشخص الممسك بالملعقة) ،وهل هو فعلاً (إسماً على مسمى)؛ أعنى شخصاً متقلب المزاج، أم هو شخص عادى؟، وهنا لابد من الإشارة إلى أن أحد البرديات المصرية القديمة والمعروفة باسم “بردية شاى- نع- نع”، تتحدث عن شخص متقلب المزاج فى زمن الفرعون “قهو – جى الثالث”، ظل يقلب فى كوب من الشاى لمدة 20 سنة حتى وافاته المنية ودفن بعد تحنيطه فى مقابر “النصبة” الخاصة بالجرسونات وكانت المفاجأة المذهلة التى واجهت الحانوتى فى كل مرة يفتح فيها القبر لدفن جرسون جديد،هى أن يجد جثة هذا الشخص وقد تقلبت من مكانها.
الأكثر من هذا، أن بعض البرديات تتحدث عن استمرار سماع صوت ارتطام الملعقة بجدران الكوب أثناء التقليب عند المرور بهذا القبر لمدة طويلة، وبالتأكيد أن وريقات النعناع فى هذه الحالة ظلت طيلة هذه الفترة فى حالة من القلق والتردد.
الطور الثالث (طور التسليم أو طور السكون) :
وفيه تسلم وريقات العناع مصيرها لقدرها المحتوم، وإما أن تبقى طافية على سطح الكوب فى هدوء مشوب بالحذر، أو قد تجذبها رشفة قوية من الشارب إلى داخل فمه، تتبعها قذفة اشد قوة للخارج من خلال بصقة شديدة قد لا تخلو أحياناً من امتعاض واضح، قد يصل فى بعض الأحوال النادرة إلى سب ديك أم النعناع ككل على طريقة عضو مجلس سيد قراره الشهير..
وإما أن تجد الوريقات نفسها عائمة فى بحر الظلمات، وهنا أعنى بهذه الجملة أن يبتلعها الشارب، مكرهاَ أو بكامل إرادته، وتواجه قدرها المحتوم فى النهاية، وتبقى مجرد ذكرى فى صورة أطلال وريقات نعناع عالقة ببقايا فضلات آدمية لا تثمن ولا تغنى من جوع.
يتضح مما سبق، أن وريقات النعناع تطفو على سطح الشاى ولا تكون عالقة بين السطح وقاع الكوب، وعلى اية حال، وسواء طفت أو علقت، فهى مشكلة لابد من حلها، ولعلنى هنا أكون قد اقتربت من محاولة إيجاد حل جذرى لها من خلال تقديم المقترحات التالية :
– زيادة كثافة وريقات النعناع عن طريق زيادة نسب الحديد، النحاس، القصدير، الموليبدنيوم ،الاسترانشيوم، والرصاص فى الأسمدة المستخدمة فى تغذيتها والتقليل إلى حد الإمكان من زراعتها بالقرب من القطن قصير التيلة لأنه خفيف جداُ وبالتالى قليل الكثافة.
– شُرب الشاى والنعناع من كوبين منفصلين بنظام “شفته وشفته مع التقليب فى الفم بالمضمضة قبل البلع”.
– تركيب غطاء على شكل مصفاة للكوب لمنع وريقات النعناع من الإلتصاق بالشفتين.
– خلع الأسنان وتركيب طقم اسنان يُخلع من مكانه قبل شرب الشاى مع ضرورة استخدام مصفاة للحلق مثل مصفاة الحوض لمنع ابتلاع وريقات النعناع .
– التوسع فى زراعة الشاى المنعنع.
– إستخدام أكياس خليط الشاى بالنعناع.
– مغنطة وريقات النعناع مع استخدام أكواب قاعها من الحديد المجلفن، وضرورة استخدام ملاعق بلاستيكية للتقليب حتى لا تنجذب إليها وريقات النعناع.
– الاستعانة بفضيلة الشيخ “أحمد نعينع” لقراءة ماتيسر من آيات الذكر الحكيم والدعاء لوريقات النعناع بالهداية والاستقرار.
فى النهاية، أرجو أن أكون قد شاركت ولو بقدر بسيط فى طرح هذه الإشكالية المتشعبة شديدة الخصوصية، ألا وهى “تعلق أوراق النعناع بين سطح الشاى والقاع … إشكالية القرن الجديد”.
#قدرى_نوار
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
الجمعة, سبتمبر 20, 2024
آخر الاخبار
- الرئيس عبد الفتاح السيسي يهدى بطلة التايكوندو بنادى الاتحاد السكندرى و منتخب مصر آية محمد وسام الجمهورية
- الاتحاد السكندري يتعاقد مع لاعب الوسط و صانع الألعاب البرتغالى ” فيليب ناسيمنتو ” بعقد يمتد لـ ” ثلاث ” مواسم
- سلة الاتحاد السكندرى تغادر غدا للأمارات لخوض منافسات بطولة الوحدة
- فريق البتروكيماويات يحصل على بطولة الكرة الشاطئية
- الاتحاد السكندري يتعاقد مع المدافع ” محمد المغربى ” بعقد يمتد لـ ” ثلاث ” مواسم
- البقاء لله : نادي الاتحاد السكندري” يُنعى ” الكابتن أيهاب جلال المدير الفنى للنادى الاسماعيلى ومنتخب مصر الاسبق
- الاتحاد السكندرى يوافق على المشاركة في البطولة الدولية لكرة السلة لأندية النخبة بالإمارات
- نتيجة قرعة البطولة العربية لكرة السلة رقم ” 36″ للأندية ” رجال
الدكتور قدري نوار يكتب : تعلق أوراق النعناع بين سطح الشاى والقاع .. إشكالية القرن الجديد
السابقاحمد حسن يكتب : المزرعة