لا تصدق أن النمر من أشرس الحيوانات البرية، وأن القرش من أشرس الحيوانات البحرية، فهناك من هو أشرس من كل هذه الكائنات مجتمعة، إنه بيسو الشِرس (بكسر الشين، والراء)، ونهار ابوك إسود لو فتحتها قدّامه، ح يجيب كرشك بمطواة، أو على اقل تقدير، ح يوقع لك للذكرى على وشك ببشلة وهو بيقولك: شايفنى تُلميذ يا روح أمك، (وخللى بالك برضو تُلميذ بضم التاء، مش ناقصين مشاكل مع سيادته).
بيسو من النوع ده بقى مختلف، تلاقيه ماشى بيشوط فى قطة مسكينة بالشلوت لمجرد إنها عدت قدامه ع الرصيف، أو بيطفى السيجارة فى إيد شحات مسكين قاعد تحت شجرة ومادد إيده لله، ويا ويلك بقى لو حظك جابك قدّامه ساعة الصبحية.
أصل بيسو لما بيقوم من النوم بيبقى مش طايق نفسه، بينزل ع السلم متصربع، وهو بيكمل لبس هدومه، القميص لابس منه كم واحد، والمنطلون زرايره والسوستة بتاعته مفتوحين ع البحرى، والمسائل شبه واضحة، والجزمة مكعوبة فى رجله، وبيجرى كأنه وراه قطر، مع إن بيسو أساساً خالى شغل، ومفيش وراه أى حاجة، بس بيسابق الزمن، كل الحكاية إن خُلقه ضيق، ومش مستحمل يستنى حد.
يعنى خد عندك مثلاً لو بيسو ده واخد فى سكته، ورحت سيادتك بمنتهى الأدب سألته: لو سمحت مفيش فرن هنا؟، رده ممكن يكون: بديك أمك شايفنى شايل طاولة عيش على راسى، ولا فاكر نفسك بروح اهلك مفتش تومين (مش تموين)، ولو طولت معاه فى الكلام، وقولت له مثلا طيب ليه الغلط؟، يبقى يا داهية دقى.
ح ينسى بيسو إنه كان رايح فين، (مع إنه ما كانش رايح فى حتة)، وحيفرج عليك أمة لا إله إلا الله، ويا ويله يا سواد ليله اللى يتدخل، بيسو ما بيعملش حساب لحد إلا بس لعم الشيخ رمضان شيخ الجامع، اللى لو اتدخل فى الموضوع كالعادة وساب الصلاة، زى ما بيحصل يومياً، وطلع من الجامع على صوت بيسو، وقال له يا بيسو يا بنى حرام عليك، اهدى شوية يا ابنى، أنا نفسى اكمل مرة بس الركعتين بتوع ربنا.
ساعتها بيسو بس ممكن يقول: عشان خاطرك بس يا عم الشيخ ح اعتقه، بس لو عدّى من هنا تانى ح ادفنه جنب الجامع، ولا مانع طبعا ًمن أن يطيب الشيخ رمضان خاطرك ويقولك بينه وبينك: معلش أصل مخه على قده، بس بصوت واطى أحسن لو سمعه بيسو ممكن يقلب عليه.
الحاجة الغريبة بقى إن هذا البيسو اللى كان من شوية على وشك انه ينهى حياتك، ممكن يتحول فجأة لحمل وديع لو عرف إنك لا مؤخذه حكومة، وحكومة يعنى ظابط، أصل بيسو عنده الناس نوعين، أهالى ودول مخاليق ربنا العاديين، وحكومة ودول الظباط.
مرة بيسو عمل الشوية بتوعه دول مع واحد ما يعرفوش، وكان على وشك يدب المطواة فى كرشة، والشارع كله واقف يتفرج، قام الراجل ماسك إيده ومكتفه ولاوى له دراعه ورازعه على قفاه، مع أول قفا، بيسو عرف كلمة السر، راح موطى على رجل الراجل بايسها وهو بيقول له: أبوس رجلك يا باشا اعتقنى لوجه الله، عيل وغلط يا باشا، واللى ما يعرفك يجهلك، آخر مرة يا باشا تشوفنى فى الجيهة كلها، أصل بيسو الشِرس ضعيف قوى قدام ظباط المباحث.
المهم من باب الاحتياط، سيب الشارع كله لو قابلك بيسو الشِرس، العمر مش بعزأه.
القشاش
د.قدرى نوار