يعرف مصطلح السلطة بأنه توجيه سلوك مجموعة من الأشخاص من خلال التأثير عليهم وفقا لتطبيقات وأحكام تشريعية ، ولما كان المتعارف عليه وجود ثلاث سلطات رسمية بالدولة وهم التشريعية والتنفيذية و القضائية و كان من المستقر عليه شعبيا إعتبار الصحافة سلطة رابعة بما تحمله من مقومات التأثير والتوجيه وفقا لما هو موضح بالتعريف أعلاه ، وفي هذا السياق وبحق يأتي المجتمع المدني كسلطة خامسة رسميا وشعبيا في المجتمع بلا شك . إذ أنه من ناحية أولي حينما نتحدث عن سلطة في المجتمع لابد وأن تجد لها هذه السلطة مكانها و تحديد أدوارها وطبيعة تنظيمها وضمان إستقلالها في السلطة التأسيسية لجميع السلطات وهو الدستور ، ولما كان المجتمع المدني بمفهومه الواسع الجمعيات الأهلية ، الأحزاب السياسية ، النقابات المهنية قد حدد الدستور إنشائها و طبيعة تنظيمها وضمان إستقلالها في المواد 74 ، 75 ، 76 . و في تحديد دور المجتمع المدني وسلطته أشارت المادة 5 من الدستور ألي أن سلطة الدولة مرهونة بتحمل المسئولية واحترام حقوق الإنسان وحرياته وهو ما عبرت عنه المادة 25 صراحة حين نصت في تنظيم سياسة الدولة العامة في التعليم ” وتلتزم بوضع أليات تنفيذها بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني ” و حين يتحدث المشرع الدستوري عن وصف الإلتزام فأنه يصبغ الشرعية والرسمية علي دور وأعمال المجتمع المدني و يجبر الدولة علي تنفيذ السياسات العامة بمشاركته وإحترام أراءه وقرارته شأنه شأن إلتزام الدولة بإحترام أحكام السلطة القضائية و تشريعات السلطة التشريعية ، وكذلك أعطت المادة 92 من الدستور وصاية للمجتمع المدني علي السلطة التشريعية حين أكدت أنه لا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها وهو الأمر الذي ينتقص من سلطة مجلس النواب في إصدار تشريعيات مقيدة للحريات العامة ، ومن ناحية ثانية إذا كانت الدولة وسلطاتها لابد لهم من إعتراف دولي لقبولها عضوا في المجتمع الدولي فلا شك أن الإتفاقيات و العهود والإعلانات والمواثيق الدولية قد إعترفت جميعها صراحة وضمنا بسلطة المجتمع المدني و تحديد أدواره بل وألزمت بعضها الدول مشاركة المجتمع المدني وضمان إستقلاله وكذلك عبرت المادة 93 من دستور مصر عن أن الدولة تلتزم بالإتفاقيات و العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر ، ومن ناحية ثالثة إذا كانت السلطة في ضوء تعريفها هي توجيه سلوك مجموعة من الأشخاص من خلال التأثير عليهم وفقا لتطبيقات وأحكام تشريعية فلا شك وبصدق أن هذا المفهوم ينطبق وبجلاء علي المجتمع المدني كسلطة خامسة إذ إعترف الدستور والإتفاقيات الدولية بدوره وانشاءه وتنظيمه وهي الأحكام التشريعية مصدر قوته وسلطته بالإضافة إلي أن آليات التوجيه والتأثير للمجتمع المدني في المواطنين هي الأعلي و الأكثر تأثيرا عن نظيرتها من السلطات الأخري وهو ما وضح في عشرات المواقف الشعبية والجماهيرية التي لعب فيها المجتمع المدني دور الحسم ، ومن هذا المنطلق ينبغي لسلطات الدولة إحترام دور المجتمع المدني و مشاركته في السياسات العامة للدولة و إحترام إستقلاله وعدم التوغل أمنيا أو سياسيا في تحديد إرادته وإحترام مبدأ الفصل بين السلطات ليس بإعتبار المجتمع المدني عبئا علي الدولة ولكن بإعتباره السلطة الخامسة شعبيا و رسميا في الدولة وفقا لما إعترف له المشرع الدستوري والدولي من صلاحيات وكذلك في ضوء تعريف ومفهوم السلطة بالأساس .