ينما الليل لازال رابضاً..والنهار يتسلل متخفياً في شعاع شمسٍ لم تُشرق بعد !! تبدأ موسيقي أطباق عم جابر في زوايا عربته بين زجاجات وأرغفة ..وترقد قدرة الفول بين ذراعية تمد له يد الولاء والطاعة…تملأ المكان نسمات عطرٍ ينثرها عم جابر بصباحات الفل والورد التي يلقيها علي الجميع ..ويتلقاها أيضاً..
تفاصيل تكرر نفسها دون أن تفقد حيويتها و نبض تفاصيلها …لعقدين وربما يزيد أو ينقص قليلاً…
فتبدأ يومك بصباحات جميلة
وطقوس أجمل دون خيار منك ! !
عم جابر…الرجل البسيط الذي يمارس حياة إختيارية وجميلة يعيشها برضا وروح مغامر..إختص
منطقة كامب شيزار (الثغر) بإختيارها للعمل فيها…وقد وضع ملامح وسمات لعمله في شهر رمضان الكريم..
ولم لا…وطبق الفول لاغني عنه بين أطباق طعام الإفطار الرمضاني..ولا حتي في السحور مع كوب الزبادي…
تربع عم جابر ..علي قمة الهرم الغذائي لمنطقة كامب شيزار..بعدما حرص علي عدم رفع أسعاره ..وإهتمامة بالنظافة العامة لأدواته و نظافة مساعدة….
أصبح عم جابر أحد الملامح الهامة التي تمنح شهر رمضان مذاقاً مميزا ًوبرغم أننا ..نستمتع به ..علي أية حال
ونلمس فيه الجود والبركة ونعيش
فيه روحانياته…و لكن الإفطار مع الاهل والأصحاب..يمنحنا.. مشاعر الونس و اللمة..
ووجود عم جابر…بائع الفول… يضفي
ملامح أخري…تزيد من جمال وروعة الشهر الكريم..
فيقوم بتزيين عربته بعد طلائها بألوان مبهجة..ويضع لمبات صغيرة ملونة ..و يفترشها بأطباق الفلفل والليمون والبصل والمخللات…
يزيد المنظر…بهجة..تلك السماعات الكبيرة…السوداء…التي يضعها أعلي العربة…
رمضان كريم…عبارة مختلفة
يرددها عم جابر ويَستهِل بها عمله في أيام رمضان..بعد صلاة الظهر بقليل…
فيترك العربة.. ويتحرك جيئة وذهاباً …بين أصحابه وجيرانه..يتبادلون التهاني والأمنيات الطيبة..حتي صلاة العصر…ويبدأ العمل…فلازال هناك
من يجد أن طبق الفول ..لايمكن أن
يغيب عن المائدة مهما كانت
ذاخرة بألوان من الطعام…وربما كانت لقمة واحدة يُكتفي بها بعد إحتساء..شراب البلح باللبن….
عندما يداهمنا الوقت…وينطلق مدفع الإفطار…يمكننا أن نشاهد عم جابر بين جيرانة يتشاركون طعام الإفطار…
وما إن يُرفع آذان العشاء..
و صلاة التراويح…يخفض صوت الكاسيت بقراءة جزء من القرآن حتي تنتهي الصلاة..و يُقبل المصلون علي شراء أو تناول سحورهم ..
و تبدأ …نسمات الليل…مع سيدة الغناء العربي..لتصدح بألف ليلة وليلة…. أروح لمين …وصفولي الصبر !؟
عم جابر…يعشق الموسيقي الشرقية والغناء الأصيل والكلمات الرائعة ..ويشاركها سكان المنطقة في الشهر الكريم …نرتشفها بعد أن أتممنا يوماً من العبادة والصوم وتلاوة القرآن والصلاة….
..مشاعر تسمو فوق الآهات …وأرواح تتجدد بنسمات الأمل لتؤرخ طقوساً بتنا نتشوق إليها..ولذواتنا التي تجد سعادة …مع طقوس عم جابر بائع الفول….!