كان يقف مبتسماً للبحر والسماء قائلاً بكل ثقة “عمار يا مصر”، متفائلاً ومستبشراً خيراً في عمار مصر، كان واثقاً من أن يوماً ما ستحدث ثورة تغير الكثير من المحبطات في ذلك الوطن، كلما رأى وسمع شيخاً في التلفاز أو خطيباً في مسجد كان لا يصمت عن مداخلته وإيقاف مغلطاته بأن الفقراء لهم الجنة لذلك عليهم السكوت على الظلم لأن الله سيزيح الظلم حتماً، ولكن علينا بالدعاء فكان يتدخل بحكمة ورزانة ونقاش هادئ حتى يجد الحاضرين أن عقولهم المخدرة بدأت في العمل بعد أن توقفت عن العمل. هنا كان يثق أنه حتماً ستحدث ثورة.
حقيقي عمار يا مصر.. هي بس محتاجة بعض وعي مع بعض من الحكمة.
لم يكن يرى تعدي على طفل أو سيدة أو عامل في مكان من أب أو زوج أو صاحب عمل، إلا ويتدخل فيخرج من الموقف وقد أشعر المعتدي بأنه خجلان وفي نصف هدومه. هنا كان يعلم أن هناك ثورة على تلك الثروة من الظلم والعدوانية.
حقيقي عمار يا مصر.. هي بس محتاجة إيجابية مع نخوة وكثير من الحكمة.
لم يرى مرة أسرة تبحث عن واسطة لتعفي ابنها من دخول التجنيد، إلا وجلس بكل حكمة وابتسم، وناقشهم فيما ربوا ابنهم عليه، وكيف سيواجه شاب حياته ويكون مسئول عن أسرة يخاف وأسرته أن يخوض شرف خدمة الوطن ومواجهة الخطر، برغم أن الخطر في ذلك الوقت لم يكن بقدر ما واجهه هو وجيله وزملاؤه في حروب متعددة، بمواجهات عنيفة.. فيخجل الفتى وتخجل أسرته من سؤالهم عن واسطة، ثم يزوره الشاب مرتدياً زيه العسكري كمجند، فتضيئ ابتسامته العريضة وجهه مبتهجاً وفخوراّ بالشاب.
عمار يا مصر.. هي بس محتاجة حوار وانتماء و أكيد حكمة.
كان إذا التقى بأحد ممن يناضلون من أجل هجرة وحصول على جنسية دولة أخرى، يناقشه ويسرد له موقع بلده تاريخياً وجغرافياً وأخلاقياً، فكيف تتنافس أخرى مهما كانت درجة ثراها المادي أو قوتها العسكرية مع وطن مثل وطنه؟ فإذا بدأ ذلك الباحث عن جنسية أخرى عمل أو قام بمشروع ناجح، زاره فرحاً بنجاحه وعدوله عن فكرة الهجرة وروج لمعارفه لتشجيعه.
حقيقي عمار يا مصر .. هي بس محتاجة ولاء ومحبة وكثير من الحكمة.
حدث في مرة أن قامت محافظة الإسكندرية بدفع عدد من البلدوزرات والحفارات والمعدات لتدمير حديقة الشلالات الضخمة، وبما أنه كان يعشق ذلك الوطن ويخشى علي كل ورقة شجر وذرة طين، فلم يصمت قام برفع دعوى لوقف تنفيذ أعمال الهدم، ووكلته فيها جمعية الهلال الأحمر، وانضمت أصدقاء البيئة أيضاً، وتم وقف تنفيذ الأعمال.
عمار يامصر يا حلوة .. هي بس محتاجة وعي وعلم وانتماء ونخوة وولاء وإخلاص وإيجابية وكثير من ما نفتقده من خوف على بعض.
كل تلك المواقف مرت أمامى حين وجدت فوضى التكفير، ومكلمة وفرحة الدعاية للهجرة لكندا، وفوضي اغتيال البيئة وهدم معالم الإسكندرية، والقلق من تجنيد الأبناء في العسكرية.. وغيرها من فوضويات نعيشها.
هنا انتبه لصوت فيروز تغني: في أمل … إيه في أمل
أوقات بيطلع من ملل
وأوقات بيرجع من شي حنين
لحظات يخفّف زعل
مع مرور تلك المواقف لمصري روحه عمرانة بحب مصر العمار بناسها و أقول مسيرها تعود،،،،،،