أنجبتها أنثى و ليس الذكر كالأنثى، هكذا كانت عقلية البعض فقد تمنتها ذكرًا لتتلافى أن ترى وجهه و قد أسود وهو كظيم !
ارتدوا الألوان تميل إلى الأسود فى إحتفال متواضع، تمنوا لها أن القادم خير و سيكون الولد فى الطريق؟ احتفلوا و لم يفكر أحدهم فى أن إلى جوارهم تجلس عقيم تتمنى أن تشعر بنبض جنين يكون لها و لزوجها هبة وحينها يكون النوع بعيد تماما عن التفكير، فى نفس الحين يحتفل الجيران مهللين بذكرهم المصون، و كأنهم هم من يرزقون بالبنات أو البنين؟ زينات علقوها عن الشمال و عن اليمين، أصوات الإحتفال و الزغاريد..ارتدت أمه الأبيض و حملت مولودها فى الأبيض المهيب تخطو سبعًا و كانت من المكرمين، يسعى زوجها بين الحاضرين بزهو و كأنما حقق الإنجاز الكبير.
تمر الأيام وأعد من السنوات عشرين لأجدنى أحممها و أعطرها أشد على خصرها المشد لأبرز تقاسيم جسدها الجميل و أضبط لها حمالة صدرها فتصبح كأجمل ما يكون، أعاود وأسدل عليها فستان عرسها الجميل يلفها فى إحكام أبيضه الجميل، و هو فى أسوده البهيم، تبادلا الأدوار فى الألوان ولد هو فى أبيض وودعتنى هى فيه، يمر العمر ليتساوى الذكر و الأنثى فى الأبيض الجليل، هنا و فقط حيث تكمن حقيقة النهايات، ها هم يغسلونه و يعطرونه
بالكافور و العنبر قبل أن يلف فى هذا الأبيض الجليل وكذلك هى يزيدونها تكريم بسبع طبقات يفوح منها المسك و تختلط معه رائحة الكافور و الطيب، يدللون و يزينون ليعودون إلى رحم الأرض الأم الكريم حيث المأوى و الأمان و الظل الظليل، حيث لافرق بين أبيض أو أسود؛ ذكر أو أنثى، فقط أعمال و حساب يسير و عسير، رفقة الروح و جنات عدن أو تصلية جحيم.
ها نحن نكتشف أننا من رحم الأم إلى رحم الأرض رحلة أصلها الموت لا الحياة ، بين الأبيضين نولد لنموت، أما الحياة فهى رحلة سريعة مبهمة التفاصيل نحن من يصنعها و يخلق كبدها و معاناتها، كونوا أوفياء للموت و ألتزموا التعاليم،واتركوا المهلك من التفاصيل.
طالت الرحلة أو قصرت فعلمها عند الله يخفيه، فلا تفرحوا بالذكر المولود فإنكم لا تعلمون أيهم الأقرب أو الأكثر نفعا” و أيهم العدو فلا تعجلوا و لا تعجبوا فالأبيض الجليل مصير الجميع و لا تبالغوا فى الحزن أو تتمسكوا بمن رغبوا فى الرحيل، فهم الأسبق و الأصل أننا معهم على الموعد أكيد.
داليا بدوى