فى ذلك اليوم كنت كالعاده اجلس فى مكان خدمتى لعلى احصل على بعض النوم بعد ان اجتمعت من صديقاى وزملاء الخدمه ناجى وسامح وتناولنا بعض الطعام والشاى . ارحت راسى على الجدار الحديدى واغمضت عينى استعدادا لغفوة . ولكن ما ان اغمضت عينى الا وبعدها بلحظات سمعت صوت خطوات . نعم صوت خطوات . ولكن ليس هذا فقط ما جذب انتباهى واصابنى بالخوف ..
الذى اصابنى بالخوف هى ان تلك الخطوات قادمه من داخل العنبـــر … العنبر الفارغ المهجور
ولكنى استجمعت شجاعتى وقمت من مجلسى واقتربت من الباب الداخلى للعنبر . حتى اتاكد مما سمعت .
وما ان اقتربت من الباب الداخلى حتى وجدت ان هناك ضوء خافت يتسلل عابرا من اسفل الباب . ضوء قادم من داخل العنبر .. وليس هذا فحسب بل ما اثار جنونى ورعبى انى وجدت خيال لشخص ما يظهر من اسفل الباب .
خيال يتحرك يمينا ويسارا . كيف هذا .كيف يعقل ان يوجد ضوء فى عنبر غير موصول بالكهرباء من الاساس وكيف يدخل شخص اليه . والباب الوحيد الذى يمكن فتحه هو الباب الذى اقف انا امامه الان .
استجمعت كل شجاعتى واقتربت بالخطوه الباقيه التى تفصلنى عن الباب ومددت يدى وامسكت مقبض الباب وهممت ان اديره ولافتح الباب وارى من بالداخل .
ولكن ما ان لمست يدى مقبض الباب حتى تعالت صوت صرخات .. صرخات شديده وقويه . صرخات شعرت بها تقتحمنى من الداخل صرخات تمزق داخلى وتحوله الى اشلاء متناثره .
فلم اشعر بنفسى الا وانا اركض خارجا من العنبر اجرى فى الصحراء الشاسعة و ان اصرخ بكل ما تملكه احبالى الصوتيه من قوه . الى ان فقدت القدره على الصراخ والاحتمال وتهاويت على رمال الصحراء فاقدا الوعى
واخر ما رايته قبل ان افقد الوعى . صديقى ناجى يهرول فى اتجاهى …
بعد وقت لم اشعر ان كان طويلا او قصيرا افقت على يد صديقى ناجى الجالس الى جوارى وهو يقوم بافاقتى ويسالنى
-مالك يا صديقى وماذا حدث لك ؟ ما الذى جعلت تركض هكذا وتصرخ بهذا الشكل ؟؟
فاجبته وانا بالكاد التقطت انفاسى
-هن .. هنا .. هناك احدا بداخل العنبـــر .صدقنى هناك احدا بداخل العنبر لقد سمعت اصوات اشخاص يصرخون بداخل العنبــر .. و… و رايت خيال جسد احدهم من اسفل الباب ..
قاطعنى ناجى
-عنبــر ؟؟ صريخ ؟؟ هل تخرف يا رؤوف ام ماذا ؟؟
-صدقنى يا ناجى .. لقد سمعت ورايت ما اقصه عليك حقا ..
-روؤف اهدء .. اهدء .. لا يوجد احد بداخل العنبر .. فانا اقف امام العنبر وسامح يقف قباله الباب الاخر . ولم يسمع احدنا اى مما تقول ..ولم نسمع شيئا سوى صراخك ورايتك تركض فاسرعت خلفك … وما ان وصلنا اليك حتى فقدت الوعى .
حل على الصمت لحظتها لم اعرف بما اجيبه .. انا على يقين مما سمعت ورايتك .. كيف لم يسمعوا ما سمعته كيف لم يسمعوا اصوات الصراخ التى شقت جدار صمت الصحراء من حولى .. كيف . كيف .
قاطع تفكيرى صوت سامح وهو يقول لى وهو ينظر الى
-كما اننا حملناك وانت فاقد الوعى واعداناك الى مكانك ولم نسمع او نرى شيئا منذ ان اتينا الى هنا .
نظرت اليهم وانا احدث نفسى هل كان حلما لا انه كابوس لا انه حقيقه . انا على يقين من مما سمعت ورايتك . اذن الصمت هو افضل الحلول الان .. نعم الصمت
قاطع تفكيرى يد سامح وهو يضعها على كتفى ويضغط عليه قائلا لى
-رؤوف ما بالك .. هل ثقل الطعام على معدتك ام ماذا هههههههه ..
قالها ضاحكا وهو ينصرف عائدا الى مكان حراسته على الباب الاخر لذلك العنبر الملعون وبصحبته ناجى .
تركوني وحيدا داخل العنبر الذي لم اعد أطيق الجلوس فيه تلك الليلة .. وغادرته مسرعا ووقفت أمام بوابته من الخارج لأرى ناجى واستأنس بوجوده امامى …
ومضت تلك الليله مضت وانا طوال ليلها افكر . افكر فيما سمعت ورايتك . اريد ان افهم . ما هذا الذى رايته والذى سمعته ما معناه ولماذا انا … لكنى فضلت الصمت واترك اصدقائى على قناعتهم بان ما حدث لى جراء حلم او كابوس .
فى اليوم التانى ..
جلست فى مكان خدمتى . ما بين البوابه الخارجيه والداخليه .. الى ان انتصف الليل وهنا
عاد صوت الخطوات مره اخرى ولكنى تماسكت قليلا واقنعت نفسى ان ما اسمعه ما هو الا وهما . ولكن بعض لحظات اصبح صوت الخطوات لاكثر من شخص . واصبحت الخطوات . ركضا داخل العنبر . هناك عدد كبير من الاشخاص يركضون داخل العنبر .. الصرخات ايضا عادت ولكن اقوى واعلى .. فلم اشعر بنفسى الا وانا اقوم قافزا من مكانى الى باب العنبر وفتحه ….
وهنا توقفت الخطوات وصمت الصراخ … تماماااااااااا
كانت تلك هي المرة الأولى التي انظر فيها إلى داخل العنبر .. فقمت باضائه الكشاف الخاص بى . فرأيت أن العنبر ممتلاء بكثير من الاسره الطبية . تقدمت إلى داخل العنبر .. فرأيت الاسره ملطخه ببقع قاتمة وجافه .. بقع دماء !!!!
وأدوات طبية ملقاة على ارض العنبر .
تقدمت إلى داخل العنبر انظر إلى الاسره بخوف ورعب كبيران .. وإثناء سيرى داخل العنبر توقفت فجاءه
فلقد شعرت بشيء يسقط على خوذتي وعلى كتفي . وبتلقائية مررت يدي على الخوذة . ثم قربت يدي من وجهي وسلطت عليها ضوء الكشاف .. فإذا بيدي … ممتلئة بالدمــــــــاء .
نعم دماء .. يدي ملطخه بالدماء . وبدون وعى منى نظرت إلى الأعلى .. ويا ليتنى لم انظـــر
رأيت الهول بعينيه .. رأيت ما لا يتحمله بشر طبيعي رؤيته .. ابدااااااااااا
رأيت جثــه .. جثه معلقه في سقف العنبــر . جثه تتساقط منها الدماء من كل جزء فيها
ولكن ما افزعن حقااا .. أن الجثـــة كانت تصـــرخ
كان الفزع والرعب هما ما يملئان قلبي وعقلي ويجمدان جسدي في مكانه .. كنت اسمع صوت دقات قلبي باذنى من ارتفاع دقاته ..
وعادت الصرخات فجاءه من حولي .. عادت عاليه مفزعه …..
وأنا لا استطيع التحرك ولا النطق .. من المستحيل أن يكون ما أراه ألان حقيقي .. لابد انه كابوس .. نعم انه كابوس
ولا بدا أن أفيق منه .. ولكن كيف . كيف يكون كابوسا وصوت الصرخات تصم اذنى . حتى اننى وضعت يدي على اذنى وكنت اضغطهما بقوه من قوه الصراخ الذي اسمعه .. ولم اشعر بنفسي إلا وإنا اسقط على ظهري …..
وما أن لامس ظهري الأرض حتى عم من حولي هدوء .. هدوء تام . اختفى كل شيء الأصوات والصرخات والخطوات .. بل والعنبر ذاتــه
وجدت نفسي ارتمى على … على رمال الصحراء
قمت على الفور معتدلا لم أقوى على الوقوف كنت فزعا مرتعبا انظر حولي .. فوجدت أن هناك على مسافة ليست ببعيدة . مجموعه من الخيالات السوداء
تركض في الصحراء .. تركض في تشكيل يشبه نصف الدائرة ..
كنت أراهم رغم الظلام الحالك .. ولكنى كنت أراهم بوضوح ..
كانوا يقتربون منى .. يقتربون .. ولا اعرف ماذا افعل كان الخوف يشل حركتي بل أنى حاولت القيام ولكن كان هناك ما يمنعني من الحركة ولا اعرف ما هو .. نظرت حولي فوجدت العنبر امامى .. وتلك الأشباح السوداء تقترب . وصوتي لا يقوى على الخروج كانى أصبت بالخرس فجاءه ..
ومع اقتراب الأشباح وجدت اننى أراهم . أراهم بوضوح تام . كأن شمس النهار قدت أشرقت .. ومع رؤيتي لهم اتسعت عيني عن أخرها وملئني الغضب …
فمن أراهم امامى ألان ما هم إلا مجموعه من جنود العدو .. جنود من الجيش الاسرائيلى .. جنود الصهاينـــة ..
اقتربوا منى .. أكثر وأكثــــر … كنت أريد أن أتناول سلاحي . أن أقوم بإطلاق النيران عليهم . ولكن لم يطاوعني اى من أجزاء جسدي على الحركة سوى عيناي . وما أن أصبحوا امامى حتـــى .. اختفــــــــــوا
فجاءه كاننى تحررت ..وانطلقت منـــى صرخة ….صرخة عاليـــــــــــــــه
وفقدت الوعــــــــــــي
وافقت على يد ناجى تهزني برفق لأفيق من اغمائى
وفتحت عيني لأجد ناجى وسامح امامى يسندون ظهري بأيديهم وأنا راقد على الرمال وسامح يتساءل عما حل بقى وما سبب تكرار اغمائى بهذا الشكل .. ولكنى لم اجبه .. فقط استندت على زراعهم وقمت واقفا .. ونظرت أليهم في صمت ولم أقص عليهم ما رايته وما حدث لي . فلقد أصبحت على يقن تام بأنهم لن يصدقوني ابداااا . وبهدوء تام وسط تعجب منهم عدت إلى مكان خدمتي مره أخرى ..
ورغم تعجبهم لم يناقشوني وعاد كل منهم إلى مكان خدمته .
أما أنا فأصبح ما يشغل تفكيري . أن اعرف ماذا وراء هذا المكان وما سره وما سر ما يحدث لي فيــه …
وفى الليلة التالية
ذهبت إلى مكان خدمتي على باب ذلك العنبر . وجلست منتظرا .. يملئ الفضول والشغف جوانبي
ومع انتصاف الليل بدء كل شيء ثانيا .. الخطوات . ثم الصراخ . انتظرت إلى أن واصل الأمر إلى زورته مثل ليله أمس وقمت من جلستي كما حدث أمس مع فارق كبير انه الخوف لم يكن حينها رفيقا لي .
وهممت بان افتح الباب متوقعا بعد فتحي أن يسود الصمت أيضا كمان حدث سابقا .. ولكن ما أن هممت بلمس المقبض إلا وأحاطت بى دائرة من النور .. دائرة أحاطت بى على حين غفلة ووجدت أن تلك الدائرة تسحبني في بطء وهدوء إلى داخل العنبر عابره بى من خلال بابه المغلق والغريب أن تلك الدائرة اصابتنى بهدوء نفسي رهيب وكان ما يحدث لي شيء طبيعي .
وما أن عبرت بى تلك الهالة باب العنبر إلا ورأيت شيء عجيب …
رأيت العنبر ولكن بشكل مختلف تماماااااااااا
رأيت العنبر مضاء وهناك جنود ..جنود مصريين .. منهم من هو نائم أو في غيبوبة نتيجة أصابته لا اعلم ومنهم من يتألم والى جواره ممرضه تداويه وأطباء يرتدون ذلك البالطوا الأبيض فوق ملابس العسكرية .. كثير من الممرضات والأطباء والجرحى . يتحركون بشكل طبيعي . كانى أرى امامى عيني فيلم سنيمائى .
وفجاءه انفتح باب العنبر بقوه رهيبة ودخل منه جنود العدو الاسرائيلى . يحملون أسلحتهم
وما ان أصبحوا داخل العنبر حتى أطلقوا نيران أسلحتهم بكثافة رهيبة على كل المتواجدين من ممرضات وأطباء وجرحى
يقتلونهم بدم بارد .. بعدها اخذوا يسيرون بين الاسره ومن يجدون انه لم يمت بعد يقومون بذبحه . كما تذبح الشاه
يذبحون هذا ويطلقون النار على تلك وهم يضحكون . ضحكات الخسة والغدر
كنت أرى ذلك وأنا لا استطيع الحديث ولا الصراخ .
حتى رأوا من بين القتلى ضابط شاب لم يمت بعد رغم أصابته بكم هائل من الرصاصات .فهم احدهم بذبحــه ولكن واحد من المرافقين له من قوات العدو امسك يده وحدثه أن انتظر .. واخذوا يبحثون عن شيء ما داخل العنبر إلى أن أتى احدهم بحبال ربطوا فيها ايدى وأرجل الضابط الشاب الذي كان يصرخ ويتألم بشده وعلقوه في سقف العنبر . واخذوا يطلقون النيران عليه وهم يضحكون ..
كان الغضب يعصف بى وكانت الصرخة تشق صدري إلى أن أغمضت عيني بقوه كي لا أرى و خرجت منى صرخة هائلة .
فجاءه وجدت من ينادى باسمي
-رؤوف … رؤوف .. روؤف
فتحت عيني فوجدت امامى دكتور فهمي . فصرخت فيه
-دكتور فهمي العنبــر .. العنبــر .. أنهم يقتلونهم هناك .. الحق بهم .. الحق بهم
فنظر إلى دكتور فهمي بهدوء قائلا
-اهدأ يا بني اهدأ . أنت ألان في المستشفى اهدأ …
-كيف اهدأ .. وهم يقتلون هناااااااااك ..كيف اهدأ .
-اهدأ وسوف أخبرك بكل شيء فأصابه راسك قويه ..
أمسكت راسي بعد قوله هذا فوجدت راسي محاطة بضمادة كبيره وفى تلك اللحظة أشار دكتور فهمي إلى سامح وناجى يأمرهم بالخروج من الغرفة . فنظرا إلى في حزن واسى ثم خرجا من الغرفة في صمت . بعدها نظر إلى دكتور فهمي . وامسك مقعد قريب منه وقربه إلي جوار فراشي وجلس عليه وبدء يقص على ما في جعبته .
-لقد أتى بك كلا من سامح وناجى وقالا أنهم سمعا صراخك فهبوا إليك فوجدوك بداخل العنبر .تحديدا ملقى على ارض العنبر و راسك ينزف الدماء .
فقاطعته صارخا
-ليس مهما اصابتى يا دكتور فهمي المهم ألان العنبر وما يحدث فيه
#يتبع
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
الأربعاء, أبريل 24, 2024
آخر الاخبار
- سلة زعيم الثغر تواجه الزمالك في قبل نهائي كأس مصر يوم 30 إبريل الجارى
- مجلس الصيد يكرم فريق مواليد ٢٠٠٩ لكرة القدم
- مصيلحى ينظم رحلة للجماهير لاستاد البرج
- رحلة لجماهير الثغر.. لمشاهدة لقاء الاتحاد السكندري و الإسماعيلى بإستاد برج العرب
- سموحة جاهز لمواجهة بلدية المحلة الهداف احمد على امين يبحث عن فرصة للمشاركة
- اطلاق اسم السباح نبيل الشاذلي علي مجمع حمامات السباحة بالنادى الاوليمبى
- فيوتشر يتخطى فاركو بهدفين ويصعد للمركز الثامن
- فوز فريق الاتحاد السكندرى ٢٠٠٧ على الزمالك بالقاهرة ٢-١