يعتقد البعض أن من يؤيد الرئيس السيسي ويسانده في الانتخابات الرئاسية القادمة، إنما يفعل ذلك لمصلحة شخصية يسعى إليها، أو وسيلة لتحقيق منفعة، ويمارس البعض الانتقاد العنيف، باعتباره معارضة سياسية، دون رؤية حقيقية للمعطيات والواقع، فما أسهل المعارضة والانتقاد، وما أصعب الممارسة الفعلية للعمل السياسي والعمل العام بهدف بناء الوطن بناء على معطيات الواقع السياسي والاقتصادي داخليا وخارجيا.
إن المعطيات والواقع، يحتمان تأييدي للرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسية القادمة، وسأنتخبه رئيسا لمصر بإذن الله.
لقد ثار الشعب المصري في 25 يناير، حالما بدولة ديمقراطية تحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وشهدت مصر بعدها انتخابات رئاسية وبرلمانية، واعتقد المصريون أنهم قد حققوا أحلامهم في بناء نظام مدني ديمقراطي، سيكون سببا في أن يعم الرخاء والأمن والاستقرار أرجاء الوطن، ففوجئوا باستيلاء الإخوان المسلمين على سلطة الحكم باسم الديمقراطية، وشكلوا الوزارات، وعينوا المحافظين والمسئولين، وضربوا باتفاقاتهم مع القوى المدنية عرض الحائط، فطغوا وتجبروا، وظهر وجههم الحقيقي في استغلال الإسلام وسيلة سياسية لخداع الشعب المتدين بطبعه، بفكرة الخلافة الإسلامية وتحقيق شرع الله في الأرض، وهم لا يعرفون حقيقة هذا المفهوم، فكانت مصر تدار من مكتب الإرشاد، ولصالح مكتب الإرشاد، ولم يكن لمؤسسات الدولة قرار إلا بمباركة السلطة الدينية الوهمية الواهية، ولم تشهد مصر إصلاحا حقيقيا لمشكلاتها المزمنة، وظهرت أعلام داعش في سيناء، وشارك القتلة الإرهابيون في احتفالات الدولة الرسمية، وفسدت علاقات مصر بالدول الخارجية، بل ثبت تورط قيادات الإخوان في علاقات مشبوهة مع جهات خارجية، لصالح أجندتهم الأيديولوجية، لا لصالح الدولة المصرية، وعشنا نحن المصريون غرباء في وطننا، وسمعنا الخطاب الرسمي مقرون بدعاء إلى الله العلي القدير بأن يجعل كيد المعارضين في نحورهم.
وثار الشعب المصري مرة أخرى في 30 يونيو، رافضا حكم الإخوان، فقد فهم الشعب حقيقة الخدعة السياسية، وحقيقة استغلال الإسلام من أجل الوصول لسلطة الحكم، فاجتمعت قوى الشعب تطالب بتغيير نظام الحكم، وبدأت مصر مرحلة أخرى في تأسيس الدولة التي تحلم بها.
لقد قبل عبد الفتاح السيسي أن يكون وزيرا للدفاع في عصر الإخوان، وقد تردد وقتها انهم لم يختاروه إلا لاعتقادهم بأنه ينتمي لأفكارهم وجماعتهم، وقد أثبت عبد الفتاح السيسي أنه يعمل لصالح مصر، لا لصالح جماعة أو حزب، وتدينه تدين فطري مصري خالص، فأخذ على عاتقه باعتباره وزيرا للدفاع مسئولية حماية شعب مصر عندما ثار في 30 يونيو، وجمع أطياف الشعب بمختلف انتماءاته السياسية، ليحقق رغبة المصريين في أن تحمي القوات المسلحة المصرية ثورتهم، ممن اختطفوها في 25 يناير، وهو موقف بطولي ووطني كان من الممكن أن يكلفه حياته فداء لتحقيق إرادة هذا الشعب.
ليس من السهل على أي دولة مهما كانت قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، أن تمر بما مرت به مصر خلال السنوات السابقة، دون ان يتأثر شعبها بتلك الأحداث، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وأرى أن مصر تسير بخطى ثابتة وواضحة، لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والعدالة الاجتماعية، نعم ببطء بعض الشيء، ولكن بثبات سيؤدي إلى بناء الدولة بلا شك.
لقد بدأ البرلمان في اقرار مجموعة من القوانين الضرورية للإصلاح الشامل، كقانون الاستثمار، وقوانين الإصلاح الضريبي، وقانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل، وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وبدأت أجهزة الدولة المسئولة عن محاربة الفساد بالعمل بحرية، فرأينا مسئولين يتم مساءلتهم واتخاذ الاجراءات القانونية ضدهم، لاستغلالهم سلطاتهم من أجل تحقيق منافع شخصية، وبدأت مصر في بناء بنية تحتية ضرورية، شبكة من الطرق، مدن جديدة، توسيع لقناة السويس، وأنفاق تحتها، اكتشاف حقول للغاز، تسليح قادر على الردع والحماية.
كل ذلك ومصر تخوض حربا ضروسا ضد إرهاب تكفيري يحيط بها شرقا وغربا وجنوبا، وقدمت مصر أبناءها البررة، شهداء كرام، ضحوا بحياتهم من أجل وطنهم.
نعم يعاني الشعب المصري حاليا من إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وهي إجراءات ضرورية لابد منها، تؤثر على الجميع دون استثناء، ويجب أن يشارك الشعب جميعه في هذا الإصلاح، بالعمل والإخلاص والإنتاج.
نعم، نفتقد حياة حزبية سياسية، ولابد لكل مصري أن يشارك في الأحزاب السياسية، ويراجع برامجها، وينضم إلى من يرى توافقه مع أيديولوجيتها وأفكارها، ويعمل على تفعيلها، ولابد لكل مصري أن يشارك في الجمعيات العمومية وانتخابات المؤسسات المختلفة كالنقابات المهنية والعمالية، والأندية الاجتماعية والرياضية، واتحادات الشاغلين وغيرها، مشاركة حقيقية وليست شكلية، فالمشاركة الديمقراطية حق وواجب لا يكون في الانتخابات السياسية فقط.
علينا أن نعمل جنبا إلى جنب مع القيادة السياسية في هذه المرحلة، ليعرف العالم مدى إدراك الشعب لحقيقة لمرحلة التي تمر بها مصر، ومدى عزمه على بناء وطنه بالاستقرار السياسي الذي يعتبر خطوة هامة في بناء حياة ديمقراطية، يجب أن يشارك المصريون في الانتخابات الرئاسية القادمة، لكي لا نسمح لمن يريد أن ينال من استقرار مصر السياسي من تحقيق أهدافه ومصالحه، فالإصلاح لن يتحقق دون استقرار سياسي، والاستقرار السياسي خطوة نحو الإصلاح الشامل وبناء الوطن.
د. أحمد نزيه أبوراس
– عضو مجلس نقابة أطباء الأسكندرية
– عضو غرفة مقدمي الخدمات الصحية باتحاد الصناعات