بشوارع المحروسه وأرجائها وجوه تحمل اثر نعومه ذهبت مع ريح الماضى وجاء محلها تجاعيد تحكى قصص عنهن إنهن سيدات تحملن الصعاب وواجهن تقلبات الحياه بصبر ورضا ولذا فإن كل منهن تستحق الاحتفال بها بيوم المرأة العالمى انهن (ستات مصر الشقيانة).
تقوم ام علاء احدى (ستات مصر الشقيانة) بالخروج من منزلها في عزبه اولاد علام بالدقى كل يوم بعدما تخفت حده شمس الظهيره وتضعف شدتها متوجهه الى سوق سليمان جوهر فى المنطقه ذاتها وبالتحديد عند عم ربيع بائع النعناع لتحصل على حزم النعناع الاخضر الطازج (بضاعتها) الدائمه التى تقوم بالتجول بها وبالمناديل والبخور في المقاهى والشوارع وهذا يكون مصدر رزقها الذي تعتمد عليه فى حياتها التى تعتمد عليه بتربيه ابنائها الخمسه بعد وفاه زوجها التى تحكى عهم والدموع تغالبها (انا قومت بتربيه ولادى وجوزتهم بس فى بنت من بناتى اتطلقت ورجعت تانى بمسئوليتى وبقيت بصرف عليها هسيبها لحد غيرى ! يصرف عليها ! لازم اكمل شغل حتى علشان خاطر ألاقى ثمن علاجى).
صعوبة عمل ام علاء كبائعه متجوله ليست باليسيره وتحتاج الى مجهود شابه صغيرة بالسن وهى قد اوشكت على تخطى سن 60 سنة تقوم على العمل بصفه يوميه إلا انها لا تجد بديل ( انا مفيش حدش بيصرف عليا ومش باخد حاجه من عيالى حتى) وتكمل وهي الحكاية تبكي (انا نفسى بس ربنا يدينى الصحه علشان اقدر اكمل واصرف على نفسى وعلى بنتى المطلقة).
والرحله اليوميه لام علاءالمتكرره التى تخرج فيها من بيتها بملابسها الملونه والسبح التي تطوق رقبتها تزداد صعوبة كل يوم فاقدامها لم تعد تحتمل (اللف بالشوارع خاصه انها لا ترجع الى بيتها إلا حينما تنتهى من بيع بضاعتها لكنها على الرغم من كل شيء لا يتوقف لسانها عن الدعاء) يارب يا كريم ارزقنا يارب وفى نهايه كل يوم بايام العمل الشاق يكون طبق من الماء الدافئ ملاذها للتخلص من آلام اقدامها وبعدها تخلد الى النوم استعدادا لليوم الجديد من التعب والشقة .
فى الساعة الخامسه صباحا تخرج الحاجه ناديه بمنزلها ببشتيل في اتجاه الجيزه حيث حديقه الحيوانات هو مقر عملها امام دورات المياه الكائنه بالقرب من بوابة رقم 4 وتجلس في مكانها وهذا من 20 عام حتى الان والابتسامة لا تفارق وجهها وضحكة هو الملجأ التي تهرب به من اى وجع بالواقع وذكريات رحله الكفاح الطويله التى عاشتها منذ انفصالها عن زوجها وتوليها مسئوليه ورعايه ابنتيها الاثنين ورحله كانت فيها (وفاء وإيمان) نعم الاب والام والصديقه ومازالت حتى الان.
وتحكى وتقول ( ان جوزى مكنش متحمل المسئوليه خالص علشان كده انفصلنا وكانوا عيالى وقتها صغيرين وخبرتى في الدنيا ماكنتش كبيره وعشان كده نزلت اشتغلت ولسه في شغلى ده من وقته حتى الان).
وكافحت واشتغلت الحاجه ناديه حتى وقامت بمساعده نفسها وايضا مساعدة بناتها على اكمال تعلمهم ودفعتهم نحو الاستقرار والزواج ووسط مشقة الحياة والعمل لم تتوقف يوم عن ممارسه بدورها كأم حنون (معايا بنت من بناتى اتطلقت وعايشة معايا ولحد دلوقتى برجع البيت من الشغل على 7 بالليل اعمل لبنتى الاكل واغسلها هدومها انا بحبهم وهما كل حياتى ومش باخد منهم اى فلوس ومش عايزة غير سعادتهم وفخورة جدا بكل حاجه عملتها عشانهم بحمد ربنا انهم حاسين باللى انا عملته عشانهم ).
وباحد شوارع حدائق القبه تجلس الحاجه عريفه وتبلغ من العمر الـ 65 سنة بنفس المكان كل يوم تخرج من بيتها بالساعات الاولى بالصباح وتمكث حتى تغيب الشمس نهائى ويعم الظلام الاجواء ولت تقوم بتغير نشاطها منذ زمن وعاشت حياتها تبيع الخضراوات الطازجه (تسند) بما تجنيه من رزق زوجها لكى يعيشوا مع ابنائهم الخمسه حياه مستقره وكريمه لكن القدر فاجأها بمنتصف رحلتها برحيل الزوجها فوجدت نفسها وحيدة في مواجهه واقع قاسى لم تعد له العدة 21 عاما عاشتهم دون زوجها كانت لابنائها الاب والام وقامت بالعمل يوميا لكي توفر كل احتياجاتهم.
قدمت الحاجة عريفه كل حياتها وعمرها في تربيه ابنائها ساعدت ثلاثه منهم على الاستقرار والزواج وتساعد الرابع على الزواج فى الوقت الحالى وتوفر له بقدر من الامكان كل ما يحتاج من مال لكى يتم مشروع زواجه على خير اما بالنسبة الخامس فهو مصدر ألمها فقد توفى شابا إثر مرض به وكانت وفاته ضربة قتلت كل طاقه الكفاح والمسئوليه التي كانت تدفع تلك الأم بحياتها، وقادتها للمكوث في بيتها عام كامل زاهدة الدنيا كارهه لها ولكن متطلبات الحياه لم تتوقف فعادت الحاجة عريفة منذ سنةالى مكانها المعتاد لتستكمل رحلة الكفاح لاجل ابنائها.
نقلا عن: فيتو
صفاء مبروك